ان خدمة الملائكة القديسين كما هي مقدمة في الكتب المقدسة هي حق معزٍ وثمين جدا لكل اتباع المسيح . الا ان تعليم الكتاب المقدس عن هذا الموضوع قد افسدته وحرفته التعاليم المغلوطة للاهوت المألوف . ان تعليم الخلود الطبيعي للنفس، الذي أخذ اولا عن الفلسفة الوثنية وفي ظلمة الارتداد العظيم أدخل الى العقيدة المسيحية قد احتل مكان الحق الذي علم به الكتاب بكل وضوح والقائل ان ”الموتى لا يعلمون شيئاً“. فجماهير كثيرة من الناس بدأوا يعتقدون أن أرواح الموتى هي ”الارواح الخادمة المرسل ة للخدمة لأجل العتيدين ان يرثوا الخلاص“. وهذا على رغم شهادة الكتاب لوجود ملائكة السماء وارتباطهم بالتاريخ البشري قبل موت اي انسان. GC 598.1
ان عقيدة وعي الانسان بعد الموت وعلى الخصوص الاعتقاد القائل ان أرواح الموتى تعود لتخدم الاحياء قد مهدَّا الطريق أمام عقيدة م ناجاة الارواح العصرية . فاذا كان يُسمح للموتى بأن يمثلوا أمام الله والملائكة القديسين ويمتازوا بمعرفة تفوق كثيرا ما كان لهم من قبل فلماذا اذاً لا يعودون الى الارض لانارة الاحياء وتعليمهم ؟ واذا كانت ارواح الموتى، كما يعلِّم رجال اللاهوت المشهورون، تحوم حول اصدقائهم على الارض فلماذا لا يسمح لها بالاتصال بهم لتحذرهم من الشر او تعزِّيهم في احزانهم ؟ وكيف يستطيع الذين يعتقدون باحساس الانسان عند الموت ان يرفضوا ما يأتيهم على انه نور الهي اذ يصل اليهم بواسطة الارواح الممجدة ؟ هنا قناة تعتبر مقدسة، لكن الشيطان يتوس لها لاتمام اغراضه . فالملائكة الساقطون الذين ينفذون امره يبدو كأنهم رسل قادمون من عالم الارواح. ففي حين انهم يعترفون بوجود اتصال بين الاحياء والموتى فان سلطان الشر يستخدم تأثيره الساحر على عقولهم. GC 598.2
ان للشيطان سلطانا أن يُرى الناس أشباه اصدقائهم الراحلين . وان التزييف او التقليد كامل الاتقان، فالنظرة المألوفة والكلام والنغمة التي ينطق بها تنسخ وتمثل بدقة عجيبة . وكثيرون يتعزون بيقين كون احبائهم متمتعون بسعادة السماء، ومن دون ان يشكوا في وجود خطر يصغون الى ”ارواح مضلة وتعاليم شياطين“. GC 599.1
ومتى وصلوا إلى الاعتقاد بأن الموتى يعودون بالفعل للاتصال بهم فالشيطان يجعل الذين نزلوا الى قبورهم وهم غير مستعدين — يجعلهم يظهرون فيدعون بأنهم سعداء في السماء وان لهم مراكز سامية هناك، وهكذا ينتشر تعليم الضلالة أن لا فرق بين الابرار والاشرار . ان اولئك الادعياء القادمين من عالم الارواح ينطقون احيانا بانذارات وتحذيرات يتبرهن انها صحيحة . فمتى وثق بهم مشاهدوهم فهم حينئذ يقدمون تعاليم تقوض الايمان بالكتاب على نحو مباشر . فاذ يتظاهرون بأنهم يهتمون اهتماما عميقا بخير اصدقائهم الذين على الارض يدسون في عقولهم اخطر الضلالات . وحقيقة كونهم يق ررون بعض الحقائق ويستطيعون احيانا إنباءهم بحوادث عتيدة تضفي على تصريحاتهم مظهر الوثوق واليقين. وكثيرون من الناس يقبلون تعاليمهم الكاذبة بسرعة ويصدقونها بثقة كما لو كانت هي اقدس حقائق الكتاب . وهكذا يلقي الناس بشريعة الله جانبا ويزدرون بروح النعمة ويحسبون دم العهد دنس ا. ان الارواح تنكر ألوهة المسيح بل تجعل الخالق نفسه في مستواه ا. وهكذا تحت قناع جديد لم يزل العاصي الاكبر يشهر حربه ضد الله، تلك الحرب التي بدأت في السماء وظلت على الارض ردحا من الزمن يقرب من ستة آلاف سنة. GC 599.2