وقد سبق المسيح فرأى ان ادعاء السلطان غير اللائق الذي يتمسك به الكتبة والفريسيون لن ينتهي بشتات اليهود . لقد كانت له بصيرة النبي فرأى عمل تعظيم السلطة البشرية للسيطرة على الضمائر، الامر الذي كان لعنة رهيبة للكنيسة في كل العصور . وان الويلات المخيفة التي نطق بها ضد الكتبة والفريسيين، وانذاراته التي وجهها الى الشعب حتى لا يتبعوا أولئك القادة العميان، انما سجلت لانذار الاجيال المقبلة. GC 646.2
تحتفظ كنيسة روما للاكليروس بحق تفسير الكتاب المقدس . فعلى أساس كون الاكليروس هم وحدهم أكفاء لشرح كلمة الله من دون غيرهم من الناس فقد حُرم عامة الشعب من هذا الحق . ومع ان الاصلاح قدم الكتاب الى الجميع فان المبدأ نفسه الذي سارت عليه روما يمنع جموعا غفيرة في الكنائس البروتستانتية من تفتيش الكتاب لانفسهم . لقد تعلموا ان يقبلوا تعاليمها كما قد فسرتها الكنيسة، ويوجد آلاف ممن لا يجرؤون على قب ول شيء يناقض عقيدتهم أو تعليم كنيستهم الثابت، مهما كان ذلك الشيء واضحا في الكتاب. GC 646.3
وعلى رغم كون الكتاب مملوءا انذارات ضد المعلمين الكذبة فان كثيرين مستعدون هكذا لان يستودعوا حفظ أرواحهم بين أيدي رجال الاكليروس . ويوجد اليوم آلاف من المعترفين بالدين مم ن لا يمكنهم ان يقدموا سببا واحدا عن مواد ايمانهم الذي يعتنقونه أكثر من قولهم ان هذا هو ما قد تعلموه من رؤسائهم الدينيين . انهم يمرون بتعاليم المخلص مر الكرام حتى يكادون لا يلاحظونها، ويضعون ثقتهم التامة في الخدام . ولكن هل الخدام معصومون ؟ و كيف نستأمنهم على ارشاد نفوسنا ما لم نعلم من كلمة الله انهم حاملو مشعل النور ؟ ان انعدام الشجاعة الادبية بحيث لا يميل الانسان عن الطريق المطروق الذي يسير فيه العالم يجعل كثيرين يسيرون في اثر خطوات العلماء، وبنفورهم من الفحص والاستقصاء بانفسهم ولانفسهم يصيرون مكبلين في سلاسل الضلال بلا أمل في الحرية . انهم يرون ان الحق الخاص بهذا العصر مكشوف للعيان بكل وضوح في الكتاب ويحسون بقوة الروح القدس مرافقا لاعلانه، الا انهم يسمحون لمقاومة الاكليروس بان تبعدهم عن النور . ومع ان عقولهم وضمائرهم مقتنعة فان هذه النفوس المخدوعة لا تجرؤ على أن تفكر تفكيرا يخالف ما يقوله الخادم، وحكمهم الشخصي وصالحهم الابدي يُضحَّى بهما على مذبح عدم الايمان والكبرياء والتعصب الذي يتمسك به شخص آخر. GC 646.4