لقد اعطانا الله كلمته لنتعرف الى تعاليمه ا ونعرف لانفسنا ماذا يطلبه الله منا. عندما جاء الناموسي الى يسوع وطرح عليه هذا السؤال: ”ماذا أعمل لأرث الحياة الابدية“ ؟ وجَّهه المخلص الى الكتاب قائلا له: ”ما هو مكتوب في الناموس كيف تقرأ“ ؟ ان الجهل ليس عذرا يركن اليه الصغار أو الكبار ولا يعفيهم من القصاص الذي يستوجبه التعدي على شريعة الله، لان بين أيديهم عرضا أمينا لتلك الشريعة ومبادئها ومطالبه ا. لا يكفي ان تكون نوايا الانسان صالحة، ولا يكفي ان نفعل ما نظنه صوابا ولا ما يقول الخادم عنه انه صواب . ان خلاص نفس الانسان مهدد بالخطر وعليه ان يفتش الكتب لنفسه . مهماى تكن اقتنا عاته قوية ومهما يكن واثقا من ان الخادم يعرف الحق، فهذا لا يصلح اساسا يبني عليه ثقته . ان لديه خارطة تشير الى كل علامة من معالم الطريق في سياحته الى السماء ، وينبغي الا يخمن من جهة أي شيء. GC 648.2
ان أول واجب واعظمه على كل كائن عاقل هو ان يتعلم من الكتاب ما هو الحق ثم يسير في النور ويشجع الآخرين على التمثل به . علينا ان ندرس الكتاب باجتهاد يوما بعد يوم فنزن كل فكر ونقارن بين آية واخرى . وبمساعدة الله نكوِّن آراءنا لانفسنا اذ ان علينا ان نجيب عن انفسنا امام الله. GC 648.3
ان الحقائق المعلنة جلياً في الكتاب قد أحاطها العلماء بالشكوك والظلمات، فلكونهم يدَّعون إدعاءات عظيمة بانهم علماء وحكماء فهم يعلمون الناس بان للكتاب معنى غامضاً خفياً روحياً لا يظهر في لغته الحالي ة. هؤلاء القوم معلمون كذبة. فلمثل تلك الفئة من الناس قال يسوع: ”لا تعرفون الكتب ولا قوة الله“ (مرقس ١٢ : ٢٤). ان لغة الكتاب ينبغي شرحها طبقاً لمعناها الواضح ما لم يكن هنالك رمز أو استعارة . لقد أعطى المسيح هذا الوعد: ”ان شاء أحد أن يعمل مشيئته يعرف التعليم“ (يوحنا ٧ : ١٧). فلو اخذ الناس الكتاب كما يُقرأ ولم يكن هنالك معلمون كذبة يضللون عقولهم ويربكونها لامكن انجاز عمل يُفرح قلوب الملائكة ويضم الى حظيرة المسيح آلافا فوق آلاف ممن يهيمون الآن في تيه الضلال. GC 649.1
وعلينا أن نجهد كل قوى عقولنا في درس الكتاب المقدس . علينا ان نجبر افهامنا على ادراك عوائص الله على قدر ما يستطيع بشر أن يفعل . ومع ذلك فلا ننسى ان مرونة الطفل وخضوعه هما الروح الحقيقية لكل من يتعلم. ولا يمكن التغلب على معضلات الكتاب بالوسائل نفسها المستخدمة في مكافحة المشكلات الفلسفية . ينبغي الا نشرع في دراسة الكتاب المقدس بروح الاعتماد على الذات التي بها يدخل كثيرون الى مناطق العلم، بل بالاعتماد على الله في روح الصلاة وبرغبة مخلصة في معرفة مشيئته . علينا ان نأتي بروح متواضعة قابلة للتعلُّم لنحصل على المعرفة من ذاك الذي اسمه أهيه العظيم، وإلا فالملائكة الاشرار سيطمسون اذهاننا ويقسون قلوبنا حتى لا نتأثر بالحق. GC 649.2
كثيرا ما يكون هنالك فصل من الكتاب يقول عنه العلماء انه غامض او يمرون به مرورا سريعا اذ يعتبرونه عديم الاهمية ولكنه يكون مملوءا بالعزاء والتعليم لمن قد تعلم في مدرسة المسيح. ومن بين الاسباب التيى لاجلها ليس لكثيرين من رجال اللاهوت ادراك أوضح لكلمة الله هو انهم يغمضون عيونهم عن الحقائق التي لا يرغبون في ممارستها عملي ا. ان ادراك حق الكتاب لا يتوقف بالاكثر على قوة الذهن الذي يستخدم في البحث كم ا على توحيد القصد وبساطته، والرغبة والشوق الحار في طلب البر. GC 649.3