ينبغي الا ندرس الكتاب من دون صلاة . فالروح القدس وحده هو الذي يستطيع ان يجعلنا نشعر باهمية تلك الاشياء التي يسهل فهمها أو يمنعنا من تحريف الحقائق التي يصعب علين ا ادراكه ا. ان عمل ملائكة السماء هو اعداد القلب بحيث يفهم كلمة الله لكي يسحر جمالها قلوبنا فنتحذر بانذاراتها أو نحيا وننتعش ونتقوى بمواعيده ا. وعلينا ان نتخذ صلاة المرنم لانفسنا فنقول: ”اكشف (يا رب) عن عينيَّ فارى عجائب من شريعتك“ (مزمور ١١٩ : ١٨). فالتجارب في غالب الاحيان تبدو كأنها لا تُغلَب لان المجرَّب بسبب اهماله الصلاة ودرس الكتاب لا يستطيع ان يذكر مواعيد الله بسرعة ليقابل الشيطان بسلاح الكتاب . لكنّ الملائكة يعسكرون حول الذين يرغبون في تعلم امور الله، وفي وقت الحرج والحاجة العظمى يُنجدون ذاكرتهم بالحقائق ذاتها التي يحتاجون اليه ا. وهكذا ”عندما يأتي العدو كنهر فنفخة الرب تدفعه“ (اشعياء ٥٩ : ١٩). GC 650.1
وقد وعد يسوع تلاميذه قائلا: ”وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم“ (يوحنا ١٤ : ٢٦). ولكن ينبغي قبل ذلك ان ندخر تعاليم المسيح في اذهاننا حتى يذكرنا بها روح الله في وقت الخطر . وقد قال داود: ”خبأت كلامك في قلبي لكي لا اخطئ اليك“ (مزمور ١١٩ : ١١). GC 650.2
على كل من يقدرون مصالحهم الابدية ان يكونوا يقظين وساهرين ضد غارات الالحاد . ان أعمدة الحق نفسها ستُهاجَم ويستحيل علينا ان نكون بعيدين عن متناول تهكمات الالحاد العصري ومغالطاته وتعاليمه المخاتلة والوبيلة. والشيطان يكيِّف تجاربه بحيث تناسب كل الطبقات . فهو يهاجم الاميين بنكتة أو سخرية، بينما هو يواجه الم ثقفين باعتراضات علمية ومحاجّة فلسفية، والغرض منها جميعا اثارة الشكوك أو احتقار الكتاب . بل حتى الشباب القليلو الاختبار يتجرَّأون على دس الشكوك في مبادئ المسيحية الاساسية. وإلحاد الشباب هذا مع انه ضحل قليل الغور فله تأثيره . وكثيرون من الشباب ينقادون الى السخ رية بايمان آبائهم والازدراء بروح النعمة (عبرانيين ١٠ : ٢٩). وكثيرا ما يحدث ان انسانا كان يُرجى ان تكون حياته مكرِّمة وممجِّدة لله وبركة للعالم ضربتها ريح الالحاد الفاسدة المحرقة . وكل من يركنون الى احكام العقول البشرية المتفاخرة ويتصورون انهم يستطيع ون شرح اسرار الله والوصول الى الحق من دون الاستعانة بحكمة الله تعلق ارجلهم في اشراك الشيطان. GC 651.1
اننا اليوم عائشون في اخطر فترة من فترات تاريخ العالم . ومصير الارض بمن يعيشون عليها والذين يتكاثرون كل يوم موشك ان يتقرر . وتتوقف سعادتنا العتي دة وكذلك خلاص النفوس الاخرى على سلوكنا وتصرفنا الحالي . فنحن في حاجة الى الاسترشاد بروح الحق . وعلى كل تابع للمسيح ان يسأل بكل غيرة قائلا: ”ماذا تريد يا رب ان افعل ؟“ علينا ان نتضع امام الرب بالصوم والصلاة وان نلهج بكلمت ه دائما وعلى الخصوص نتأمل في مشاهد الدينونة . علينا الآن ان نطلب اختبارا عميقا حيا لامور الله . لم يبق لدينا وقت نضيعه ولا برهة واحدة . فالحوادث ذات الخطورة الحيوية تحدث حولن ا. ونحن في أرض الشيطان المسحورة . فلا تناموا يا حراس الله ، فالعدو كامن قريبا منكم يتربص بكم، فاذا تراخيتم أو نمتم في أي لحظة فهو على اهبة الانقضاض عليكم لافتراسكم. GC 651.2
كثيرون مخدوعون في ما يختص بحالتهم الحقيقية امام الله . انهم يهنئون انفسهم على الاخطاء التي لا يرتكبونها، ولكنهم ينسون احصاء الاعمال الصالحة والنبيلة التي يطلبها الله منهم ولكنهم اهملوا القيام بها . فلا يكفي ان يكونوا اشجارا في جنة الله بل عليهم ان يحققوا انتظاراته في الاتيان بثمر . وهو يعتبرهم مسؤولين عن اخفاقهم في اتمام كل الصلاح الذي كان يمكنهم ان يفعلوه بواسطة نعمته التي تقويهم . ففي اسفار السماء مسجل ضدهم انهم معطِّلون ومبطلون للأرض . ومع ذلك فحتى حالة هذه الفئة من الناس ليست ميئوساً منها . ان قلب المحبة المتأني الصبور لا يزال يتوسل الى الذين قد استهانوا برحمته واساءوا استخدام نعمته، ”لذلك يقول استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضيء لك المسيح . فانظروا كيف تسلكون بالتدقيق ... مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة“ (أفسس ٥ : ١٤ — ١٦). GC 652.1
عندما يأتي وقت الامتحان فأولئك الذين جعلوا كلمة الله دستور حياتهم سيظهرون . في الصيف لا يرى فرق ظاهر بين الاشجار الدائمة الاخضرار وغيرها من الاشجار، ولكن عندما تجيء زوابع الشتاء وبرده تبقى الاشجار الدائمة الاخضرار بلا تغيير بينما الاشجار الاخرى تتجرد من أوراقها. وهكذا المعترف بالمسيحية الكاذب القلب قد لا يمكن تمييزه الآن من المسيحي الحقيقي ولكن في وقت قريب سيظهر الفرق . فلو استيقظت المقاومة وساد التعصب واشتعلت نيران الاضطهاد فان الفاترين والمرائين سيترنحون ويسلمون في عقيدتهم، لكنّ المسيحي الامين سيظل ثابتا كالصخر وسيتقوى ايمانه ويلمع رجاؤه اكثر مما في ايام النجاح. GC 652.2
يقول المرنم: ”شهاداتك هي لهجي“. ”من وصاياك اتفطن لذلك ابغضت كل طريق كذب“ (مزمور ١١٩ : ٩٩ و ١٠٤). GC 652.3
”طوبى للانسان الذي يجد الحكمة“، ”فانه يكون كشجرة مغروسة على مياه وعلى نهر تمد اصولها ولا ترى اذا جاء الحر ويكون ورقها اخضر وفي سنة القحط لا تخاف ولا تكف عن الاثمار“ (امثال ٣: ١٣ ؛ ارميا ١٧ : ٨). GC 653.1