”ثم بعد هذا رأيت ملاكا آخر نازلا من السماء له سلطان عظيم واستنارت الأرض من بهائه . وصرخ بشدة بصوت عظيم قائلاً سقطت سقطت بابل العظيمة وصارت مسكناً للشياطين ومحرسا لكل روح نجس ومحرسا لكل طائر نجس وممقوت“ ”ثم سمعت صوتا آخر من السماء قائلا اخرجوا منها يا شعبي لئلا تشتركوا في خطاياها ولئلا تأخذوا من ضرباتها“ (رؤيا ١٨ : ١ و ٢ و ٤). GC 654.1
تشير هذه الآيات الى زمن آت فيه يتكرر الاعلان عن سقوط بابل كما نطق به الملاك الثاني المذكور في (رؤيا ١٤ : ٨). انما هذه المرة يضيف هذا الملاك ذكر المفاسد والنجاسات التي قد دخلت في كل النظم التي تتكون منها بابل، منذ ان قُدِّمت تلك الرسالة أولا في صيف عام ١٨٤٤ . وهنا وصف مخيف للعالم الديني . ففي كل مرة يرفض الناس الحق ستصير عقولهم اشد ظلاما وقلوبهم أشد صلابة وعنادا حتى يتحصن وا في وقاحة الحادية . ففي تحديهم الانذارات التي قدمها اليهم الله سيظلون على عنادهم في الدوس على احدى الوصايا العشر حتى ينتهي بهم الامر الى اضطهاد من يقدسونه ا. ان المسيح يُستخف به بسبب الاحتقار الذي يقع على كلمته وشعبه . فاذ تقبل الكنائس تعاليم مناجاة الارو اح فان الرادع الموضوع على القلب الجسداني يُزال ويصير الاعتراف بالديانة قناعا يخفي تحته أحط الآثام . والاعتقاد في ظهور الارواح يُفسح المجال أمام الارواح المضلة وتعاليم الشياطين، وهكذا يترك تأثير الملائكة الاشرار ليعمل عمله المدمر في الكنائس . GC 654.2
اما با بل فاذ تبدو امام انظارنا في هذه النبوة يُعلن عنها أنّ ”خطاياها لحقت السماء وتذكَّر الله آثامها“ (رؤيا ١٨ : ٥). لقد ملأت مكيال اثمها والهلاك موشك ان ينصب عليه ا. لكنّ الله لا يزال له شعب في بابل، وقبلما يفتقدها بضرباته لا بد ان يُدعى هؤلاء الامناء للخروج ح تى ”لا تشتركوا في خطاياها ولا تأخذوا من ضرباته ا“. من هنا الحركة المرموز اليها بنزول الملاك من السماء منيراً الارض من بهائه صارخا بشدة بصوت عظيم معلنا عن خطايا بابل . وقد ارتبطت برسالته هذه الدعوة القائلة: ”اخرجوا منها يا شعبي“. هذه الاعلانات بارتباطها برسالة الملاك الثالث تكوِّن آخر انذار يقدم الى سكان الارض GC 655.1
ومخيفة هي الحالة التي ستكون فيها الارض . فاذ تتحد قواتها معا لمحاربة وصايا الله ستصدر امرا عاليا بان الجميع ”الصغار والكبار والاغنياء والفقراء والاحرار والعبيد“ (رؤيا ١٣ : ١٦) يمتثلون لعادات الكنيس ة بحفظ السبت الزائف . وكل الذين يرفضون الامتثال ستوقع بهم عقوبات مدنية وسيُعلن اخيرا انهم مستحقون الموت. ومن الناحية الاخرى فان شريعة الله التي تفرض يوم راحة الخالق تأمر بالطاعة وتتوعد بالغضب كل من يتعدون وصاياها. GC 655.2
فاذ توضع هذه النتيجة جلية واضحة امام الناس فكل من يمتهن شريعة الله ليطيع تشريعا بشريا يقبل سمة الوحش ويقبل الولاء للسلطان الذي يختاره ليطيعه من دون الله . ان الانذار الآتي من السماء هو هذا: ”ان كان أحد يسجد للوحش ولصورته ويقبل سمته على جبهته أو على يده فهو أيضا سيشرب من خمر غضب الله المصبوب صرفا في كأس غضبه“ (رؤيا ١٤ : ٩ و ١٠). GC 655.3
ولكن لن يقاسي أحد أهوال غضب الله الى ان يمس الحق عقله وضميره ثم يرفضه . فثمة كثيرون ممن لم تُتَحْ لهم الحقائق الخاصة بهذا العصر. فعهد الوصية الرابعة لم يوضع ابدا امامهم في نوره الحقيقي . وذاك المطَّلِع على كل قلب ومختبر كل وازع لن يترك انسانا يرغب في معرفة الحق ينخدع في ما يختص بنتائج الصراع . والامر لن يُفرض على الناس من دون تبصر . فكل واحد سيعطى النور الكافي ليتخذ قراره عن فهم وتبصر. GC 655.4