وكثيرا ما يُرى الملائكة في مجتمعات الابرار في هيئة البشر، وهم يزورون محافل الاشرار كما ذهبوا الى سدوم لكي يسجلوا اعمال اهلها ويقرروا ما اذا كانوا قد تخطوا صبر الله واحتماله . والرب يسر بالرحمة؛ فلاجل القليلين الذين يعبدونه حقا فهو يوقف الكوارث عند حدها ليطيل مدة سلام الجموع واطمئنا نهم. ان من يخطئون الى الله قلما يتحققون انهم مدينون بحياتهم للاقلية الامينة الذين يتسلون هم بظلمهم والسخرية بهم. GC 683.2
ومع ان رؤساء هذا العالم لا يعلمون ففي اغلب الاحيان يتكلم الملائكة في مجالسهم. لقد رآهم البشر بعيونهم، وبآذانهم أصغوا الى مرافعاتهم، وبشفاههم عارضوا مقترحاتهم وسخروا من مشوراتهم، وبأيديهم قابلوهم بالاعتداءات والشتائم والاهانات . وفي قاعة المجلس وفي دار القضاء برهن هؤلاء الرسل السماويون على معرفتهم الدقيقة للتاريخ البشري كما برهنوا على انهم أقدر على الترافع في قضايا المظلومين من أقدر المحامين وأفصحه م. لقد هزموا النوايا وأوقفوا الشرور التي كان يمكن أن تعيق عمل الله الى حد كبير وأن تسبب آلاما هائلة لشعبه . وفي ساعة الضيق والشدة فان ”ملاك الرب حال حول خائفيه وينجيهم“ (مزمور ٣٤ : ٧). GC 683.3
ينتظر شعب الله علامات مجيء مليكهم بشوق حار . وعندما يسأل الحراس: ”ما من الليل“ ؟ يجيء الجواب في غير تلعثم قائلا: ”أتى صباح وأيضا ليل“ (اشعياء ٢١ : ١١ و ١٢). ان النور يسطع على السحاب فوق قمم الجبال. وسيكون ظهور مجده سريع ا. ان ”شمس البر“ مزمع ان يشرق . والصباح والليل كلاهما قريب : بدء النهار الابدي للابرار وقدوم الليل الابدي على الاشرار. GC 684.1
واذ يلح المجاهدون في تقديم توسلاتهم امام الله فالحجاب الفاصل بينهم وبين اللامنظور يكاد يُرفع . والسموات تتألق ببزوغ فجر النهار الابدي وتقع على الآذان هذه الكلمات كأغاني الملائكة العذبة قائلة: ”أثبتوا على ولائكم فالعون آتٍ“. ثم ان الم سيح المنتصر القدير يرفع امام عيون جنوده المتعبين اكليل مجد ابدي ثم يُسمع صوته آتيا من الابواب المفتوحة قائلا: ”ها أنا معكم . لا تخافو ا. انا عالم بكل احزانكم وقد حملت أوجاعكم وغمومكم . انكم لا تحاربون اعداء غير مدربين. لقد خضت المعركة لاجلكم وباسمي يعظم انتصاركم“. GC 684.2
ان المخلص العزيز سيرسل الينا العون في الساعة نفسها التي نكون في حاجة اليه . والطريق الى السماء قد تقدس بوقع خطواته . فكل الاشواك التي تجرح أقدامنا قد جرحته . وكل صليب نُدعى الى حمله حمله هو قبلن ا. يسمح الرب بالمحاربات لكي يُعِدّ النفس للسلام . فزمان الضيق هو محنة مخيفة لشعب الله لكنه وقت فيه ينظر كل مؤمن حقيقي الى فوق ويمكنه بالايمان ان يرى قوس الوعد محيطة به. GC 684.3
”ومفديو الرب يرجعون ويأتون الى صهيون بالترنم وعلى رؤوسهم فرح أبدي. ابتهاج وفرح يدركانهم يهرب الحزن والتنهد انا انا هو معزيكم . من انتِ حتى تخافي من انسان يموت ومن ابن الانسان الذي يُجعل كالعشب وتنسى الرب صانعك ... وتفزع دائما كل يوم من غضب المضايق عندما هيأ للاهلاك. وأين غضب المضايق . سريعا يطلق المنحني ولا يموت في الجب ولا يُعدم خبزه . وأنا الرب اله مزعج البحر فتعج لججه رب الجنود اسمه . وقد جعلت أقوالي في فمك وبظل يدي سترتك“ (اشعياء ٥١ : ١١ — ١٦). GC 685.1
”لذلك اسمعي هذا ايتها البائسة والسكرى وليس بالخمر . هكذا قال سيدكِ الرب والهك الذي يحاكم لشعبه هأنذا قد اخذت من يدك كأس الترنح ثقل كأس غضبي لا تعودين تشربينه ا فيما بعد . وأضعها في يد معذبيك الذين قالوا لنفسك انحني لنعبر فوضعت كالارض ظهرك وكالزقاق للعابرين“ (اشعياء ٥١ : ٢١ — ٢٣). GC 685.2
تتثبَّتُ عين الله وهي تتطلع عبر الاجيال على الازمة التي سيواجهها شعبه عندما تصطف ضدهم القوات الارضية، ومثل أسير غريب سيخافون من الموت جوعا أو اغتيالا . لكنّ القدوس الذي قد شق بحر سُوف امام العبرانيين سيُظهر قدرته العظيمة ويرد سبيهم، ”ويكونون لي قال رب الجنود في ذلك اليوم الذي انا صانع خاصة ( جواهري ) واشفق عليهم كما يشفق الانسان على ابنه الذي يخدمه“ (ملاخي ٣ : ١٧). فلو سفكت دماء شهود المسيح الامناء في هذا الوقت فلن تكون كدماء الشهداء بذارا تلقى ليجمع منها حصاد لله . فولاءهم لن يكون شهادة لاقناع الآخرين بالحق، لان القلب القاسي قد صد امواج الرحمة حتى لا تعود مرة اخرى . فلو تُرك الابرار حينئذ ليسقطوا فريسة لاعدائهم فسيكون ذلك انتصارا لسلطان الظلمة . والمرنم يقول: ”لانه يخبئني في مظلته في يوم الشر يسترني بستر خيمته“ (مزمور ٢٧ : ٥). لقد قال المسيح: ”هلم يا شعبي ادخل مخادعك وأغلق أبوابك خلفك اختبئ نحو لحيظة حتى يعبر الغضب . لانه هوذا الرب يخرج من مكانه ليعاقب اثم سكان الارض“ (اشعياء ٢٦ : ٢٠ و ٢١). وستكون نجاة مجيدة تلك التي ستكون من نصيب الذين انتظروا، بصبر، مجيء الرب، والذين اسماؤهم مكتوبة في سفر الحياة. GC 685.3