ان انبياء القدم اذ رأوا في الرؤيا يوم الله قالوا: ”ولولوا لأن يوم الرب قريب قادم كخراب من القادر على كل شيء“ (اشعياء ١٣ : ٦). ”ادخل ا لى الصخرة واختبئ في التراب من امام هيبة الرب ومن بهاء عظمته . توضع عينا تشامخ الانسان وتخفض رفعة الناس ويسمو الرب وحده في ذلك اليوم . فان لرب الجنود يوما على كل متعظم وعال على كل مرتفع فيوضع“. ”في ذلك اليوم يطرح الانسان أوثانه الفضية وأوثانه الذهب ية التي عملوها له للسجود للجرذان والخفافيش ليدخل في نقر الصخور وفي شقوق المعاقل من امام هيبة الرب ومن بهاء عظمته عند قيامه ليرعب الارض“ (اشعياء ٢ : ١٠ — ١٢ و ٢٠ و ٢١). GC 690.1
ومن خلال فجوة بين السحاب يتألق نور نجم يزيد لألاء نوره أربعة أضعاف بالمقارنة مع الظلمة، وهو يخاطب الامناء بكلام الرجاء والفرح . اما المتعدون على شريعة الله فهو يوجه اليهم كلام القسوة والغضب . والذين قد ضحوا بكل شيء في سبيل المسيح هم الآن في أمان اذ هم مستورون في ستر خيمة الرب . لقد اختُبروا فأثبتوا امام العالم وامام محتقري الحق ولاءهم لذاك الذي قد مات لاجلهم . ان تغييرا عجيبا قد حدث للذين قد تمسكوا باستقامتهم في مواجهة الموت نفسه . وقد نجوا فجأة من الطغيان القاتم المرعب الذي أوقعه بهم بشر استحالوا الى شياطين . ووجهوههم التي كانت منذ عهد قريب شاحبة وجزعة ومنه وكة صارت الان متأججة بالدهشة والايمان والمحبة. ثم ترتفع اصواتهم وهم ويرددون انشودة الانتصار قائلين ”الله لنا ملجأ وقوة عونا في الضيقات وجد شديدا . لذلك لا نخشى ولو تزحزت الارض ولو انقلبت الجبال الى قلب البحار . تعج وتجيش مياهها . تتزعزع الجبال بطموها“ (مزمور ٤٦ : ١ — ٣). GC 690.2
وعندما ترتفع الى الله كلمات الثقة المقدسة هذه تتراجع السحب وتُرى السموات الصافية تلمع فيها النجوم التي هي مجيدة جدا بالمقارنة مع الجلَد الداكن الغاضب على كلا الجانبين . ثم ان بهاء المدينة السماوية يشع من الابواب المفتوحة. حينئذ تُرى في الس ماء يد ممسكة بلوحين من حجر احدهما منطبق على الآخر . وقد قال النبي: ”وتخبر السموات بعدله لان الله هو الديان“ (مزمور ٥٠ : ٦). فتلك الشريعة المقدسة، بر الله الذي قد أعلن من سيناء كمرشد للحياة من وسط الرعد والنار، تُعلن الآن للناس كقانون الدينونة . تفتح تلك اليد اللوحين فتُرى الوصايا العشر وكأنها مكتوبة بقلم من نار . والكلام واضح بحيث يستطيع كل واحد ان يقرأه . فتستيقظ الذاكرة وتُكتسح ظلمة الخرافات والهرطقات من كل العقول وتُقدم امام عيون الجميع كلمات الله العشر مختصرة وشاملة وجازمة فيراها كل سكان الارض. GC 691.1
ويستحيل علينا ان نصف الرعب واليأس اللذين سيستوليان على الذين قد داسوا على مطالب الله المقدسة . لقد اعطاهم الرب شريعته وكان يمكنهم ان يقيسوا اخلاقهم عليها ويعرفوا نقائصهم عندما كانت لديهم فرصة للتوبة والاصلاح. ولكنهم في سبيل الظفر برضى العالم القوا بتلك ال وصايا جانبا وعلموا الآخرين التعدي عليها . لقد حاولوا ارغام شعب الله على تدنيس سبته . أما الان فالشريعة التي قد ازدروا بها تدينهم . وبدقة مخيفة يرون انهم بلا عذر . لقد اختاروا السيد الذي ارادوا ان يخدموه ويعبدوه: ”فتعودون وتميزون بين الصديق والشرير بين من يعبد الله ومن لا يعبده“ (ملاخي ٣ : ١٨). GC 691.2