كانت كنيسة روما تتجرَ بنعمة الله . لقد وضعت موائد الصيارفة (متى ٢١ : ١٢) في جوار مذابحها، وكانت تتردد في أماكن العبادة صرخات من كانوا يشترون ويبيعون، وكانت صكوك الغفران تُعرض للبيع جهارا بسلطان بابا روما بحجة جمع الأموال لبناء كنيسة القد يس بطرس في روم ا. بثمن الجرائم كان سيقام هيكل لعبادة الله، وكان حجر الزاوية سيوضع بأجرة الاثم، لكن الوسائل نفسها المستخدمة لتعظيم روما كانت فيها الضربة القاضية على سلطانها وعظمته ا. هذا ما أهاج ضد البابوية ألد أعدائها إصرارا وأعظمهم نجاحا، وأدى الى الحروب التي هزت العرش البابوي والتاج المثلث الموضوع على رأس البابا. GC 141.1
كان الموظف المكلف بيع صكوك الغفران في المانيا، وأسمه تتزل، متهما بأحط أنواع الجرائم ضد المجتمع وشريعة الله . ولكن بما أنه قد نجا من القصاص الذي كان يستحقه بسبب جرائمه استُخدم في ترويج المشاريع التج ارية السالفة من قبل الباب ا. فبكل جرأة ووقاحة جعل يردد أعظم الأكاذيب الخلابة ويقص القصص العجيبة ليخدع ذلك الشعب الجاهل الساذج المتمسك بالخرافات. فلو كانت في حوزتهم كلمة الله لما استطاع أن يخدعهم أحد. ولكن أخذ منهم الكتاب المقدس وحرموا منه ليظلوا خاضعين للسي ادة البابوية فتزيد قوة رؤسائها وتتضاعف ثروتهم (٥٣). GC 141.2
كان تتزل يدخل المدن وقد تقدمه رسول يعلن قائلا: ”ها نعمة الله والابُ القديس أمام أبوابكم“ (٥٤). ورحب الناس بذلك الدعي المجدِّف كما لو كان هو الله نفسه نزل اليهم من السماء. وقد أقيمت تلك التجارة الشائنة في الكنيسة. فاذ أعتلى تتزل المنبر جعل يمتدح صكوك الغفران على أنها عطايا الله. وأعلن أنه بفضل شهادات الغفران التي معه تُغفر لمن يشتريها كل الخطايا التي يرغب في ارتكابها مستقبلا، وأنه ”حتى التوبة لا لزوم له ا“ (٥٥). وأكثر من هذا فقد أكَّد لسامعيه أن لصكوك الغفر ان قوة لا لغفران خطايا الأحياء وحسب بل أيضا خطايا الموتى، وانه حالما ترن النقود في الصندوق تتحرر النفس التي قُدمت لأجلها من عذابات المطهر وتنطلق الى السماء (٥٦). GC 142.1