تحدَّت مباحث لوثر كل جدال فلم يجسر أي انسان على قبول ذلك التحدي. وفي خلال ايام قليلة انتشرت الاسئلة التي اقترحها في جميع انحاء المانيا، وبعد اسابيع قليلة رنّت في كل العالم المسيحي . وكثيرون من البابويين الاتقياء الذين رأوا الاثم متفشيا في الكنيسة وحزنوا لذلك ولكن لم تكن في يدهم حيلة لدفعه او وقف تقدمه فرحوا فرحا عظيما بعدما اطلعوا على تلك المقترحات متحققين ان فيها صوت الله . وقد احسوا بأن الرب في رحمته قد مدَّ يده ليوقف ذلك السيل المندفق من الفساد الخارج من الكرسي البابوي في روما. وفرح الامراء والحكام في قلوبهم لان صدمة قوية اصابت ذلك السلطان المتغطرس الذي انكر على الشعب حق المعارضة او الاحتجاج على قراراته . GC 144.2
أما جموع الناس الذين كانوا يحبون الخطيئ ة ويؤمنون بالخرافات فقد ارتعبوا اذ رأوا المغالطات التي كانت قد اسكتت مخاوفهم وقد اكتُسحت . واما رجال الأكليروس الماكرون الذين اوقفوا عن عملهم في إباحة ارتكاب الجرائم فإذ رأوا ان ارباحهم مهددة بالخطر تملكهم سخط عظيم، واجتمعوا ليسندوا ادعاءاتهم ويؤيدوها، فكان على ذلك المصلح ان يجابه متهميه واعداءَه الالداء . وقد اتهمه بعضهم بانه يعمل بدافع العداء وبعض النزعات الاخرى . كما اتهمه آخرون بالغطرسة، واعلنوا ان الله لم يوجهه بل هو يعمل بدافع الكبرياء والجرأة . فأجاب قائلا: ”من ذا الذي لا يعرف ان الانسان نادرا ما يتقدم برأي جديد من دون ان تظهر عليه بعض مظاهر الكبرياء او ىُتهم بأنه يخلق المشاحنات؟ ولماذا مات المسيح وكل الشهداء؟ لانه بدا وكأنهم قوم متكبرون يحتقرون حكمة زمانهم، وينشرون بدعاً من دون أن يتواضعوا بطلب المشورة من وحي الآراء القديمة“. GC 145.1
ثم أعلن قائلا: ”ان كل ما افعله لن استرشد فيه حكمة الناس بل مشورة الله، فان كل العمل عمل الله فمن ذا الذي يستطيع ان يوقفه؟ وان لم يكن كذلك فمن يستطيع أن يمضي به قُدُماً؟ ليكن لا ما أريد أنا ولا ما يريدون هم، لا مشيئتنا بل مشيئتك انت ايها الآب القدوس الذي في السماء“ (٥٨). GC 145.2