ومع ان لوثر كان مسوقا بروح الله ليبدأ عمله فلم يكن ليشرع فيه من دون محاربات شديدة . فتعييرات اعدائه وسوء تصويرهم مقاصده وتعليقاتهم الجائرة الماكرة على اخلاقه وبواعثه انقضّت عليه كسيل جارف، ولم تكن عديمة الاثر . لقد كان واثقا بأن قادة الشعب في الكنيسة وفي دور العلم سينضمون اليه في السعي نحو الاصلاح . وكلام التشجيع من الذين كانوا يحتلون مراكز سامية الهمه فرحا ورجاء . كما الهمه شعوره بأنه سيرى أياما اصفى وأشد لمعانا يفيض نورها على الكنيسة . فاذا بالتشجيع يستحيل تعييرا وإدانة . فكثيرون من ذوي المقامات الرفيعة في الكنيسة والدولة اقتنعوا بصدق مباحثه، ولكنهم سرعان ما رأوا ان قبول هذه الحقائق يتطلب تغييرات وانقلابات عظيمة . ذلك ان تنوير الشعب واصلاحه سيكون في الواقع تقويضا لسلطان روما وسيوقف الكثير من موارد الثروة التي تتدفق في خزانتها، وهذا بالط بع سيقلل من اسراف الرؤساء البابويين وترفهم . زد على ذلك أن تعليم الشعب ان يفكروا ويتصرفوا كخلائق مسؤولة، ناظرين الى المسيح وحده لاجل الخلاص، لا بد أن يطيح عرش البابا، ويقضي في النهاية على سلطته . فلهذه الاسباب رفضوا المعرفة المعطاة لهم من الله واصطفوا ضد الم سيح والحق بمقاومتهم الرجل الذي ارسله لانارتهم. GC 145.3
ارتعب لوثر وهو ينظر الى نفسه : رجل واحد يتصدى لمقاومة اعظم قوات الارض. كان احيانا يشك في ما اذا كان يسير حسب ارشاد الله للتصادم مع سلطة الكنيسة . وقد كتب يقول: ”من اكون انا حتى أقاوم سيادة البابا الذي ترتعد امامه ملوك الارض في كل العالم؟ ... ليس من يعرف كم قاسى قلبي وتألم في اثناء هذين العامين الاولين، ولا مقدار اليأس والقنوط الذي غصت فيه“ (٥٩). ولكنه لم يُترك لليأس لتخور عزيمته تمام ا. فعندما خذلته المعونة البشرية نظر الى الله وحده وعلم انه يستطيع الاستناد الى ذراعه الكلية القدرة باطمئنان تام. GC 146.1