وقد كتب لوثر لأحد اصدقاء الاصلاح يقول: ”لا يمكننا ان نفهم الكتب المقدسة بالدرس او بالعقل . ان أول واجب تقوم به هو أن تبدأ بالصلاة . توسل الى الرب أن يمنحك من فرط رحمته العظيمة الفهم الحقيقي لكلمته . لا يوجد مفسر لكلمة الله غير مؤلفها ومبدعها لانه هو نفسه قد قال : ويكون الجميع متعلمين من الله . لا تنتظر شيئا من جهودك الخاصة او فهمك بل ثق بالله تماما GC 146.2
وبتأثير روحه . ثق بهذا بناء على كلمة انسان مجرّب“ (٦٠). هنا درس ذو أهمية حيوية للذين يحسون أن الله قد دعاهم لي قدموا الى الآخرين الحقائق المقدسة في عصرنا هذ ا. ان هذه الحقائق ستثير عداوة الشيطان والناس الذين يحبون الخرافات التي قد ابتكره ا. ففي الصراع مع قوات الشر تدعو الحاجة الى اكثر من القوة العقلية والحكمة الانسانية. GC 147.1
عندما لجأ الاعداء الى العادات والتقاليد او الى تصريحات البابا وسلطانه واجههم لوثر بالكتاب من دون سواه . ففي الكتاب حجج لم يستطيعوا الاجابة عنها. ولهذا صرخ عبيد الطقوس والخرافات طالبين سفك دمه كما طلب اليهود سفك دم المسيح . فقد صاح البابويون المتعصبون قائلين: ”انه هرطوقي، انها خيانة عظمى للكنيسة ان نسمح لهذا الهرطوقي الفظيع ان يعيش ساعة واحدة بعد الآن . فلتنصب له المشنقة في الحال“ (٦١). لكنّ لوثر لم يسقط فريسة غضبهم الجنوني . فلقد أبقى له الله عملا يقوم به، وارسلت ملائكة السماء لحراسته. ومع ذلك فان كثيرين ممن قبلوا من لوثر النور الثمين صاروا هدفا لغضب الشيطان، ولأجل الحق احتملوا العذاب والموت بلا خوف. GC 147.2
استرعت تعاليم لوثر اهتمام المفكرين ذوي الالباب في كل انحاء الماني ا. فمن عظاته وكتاباته انبثق النور الذي أيقظ آلاف الناس وأنارهم . لقد بدأ الايمان الحي يحتل مكان الممارسات الطقسية الميتة التي ظلت الكنيسة متمسكة بها طويلا. وكان الناس يوما بعد يوم يفقدون ثقتهم بخرافات البابوية . وبدأت حواجز التعصب تُنقض وتتلاشى . وكلمة الله التي امتحن بها لوثر كل عقيدة وكل ادعاء كانت تشبه سيفا ذا حدين يشق لنفسه طريقا الى قلوب الناس . وفي كل مكان استيقظت الرغبة في طلب التقدم الروحي وظ هر جوع وعطش الى البر لم يُر مثلهما منذ اجيال . وعيون الشعب التي ظلت امدا طويلا تتجه الى الطقوس البشرية والوسطاء الارضيين عانقت الآن المسيح بقوة وايمان، واياه مصلوبا. GC 147.3