حمل ذانك التلميذان الرسالة إلى معلمهما ، وقد كانت كافية. فلقد ذكر يوحنا النبوة الخاصة بمسيا والتي تقول: “روح السيد الرب عليّ، لأن الرب مسحني لأبشّر المساكين، أرسلني لأعصب منكسري القلب، لأنادي للمسبيين بالعتق، وللمأسورين بالإطلاق، لأنادي بسنة مقبولة للرب، وبيوم انتقام لإلهنا. لأعزي كل النائحين” (إشعياء 61 : 1، 2). إن أعمال المسيح لم تعلن أنه مسيا وحسب ، ولكنها أبانت الكيفية التي بها كان مزمعا أن يثبت ملكوته . لقد أعلن ليوحنا نفس الحق الذي سبق أن أعلن لإيليا فى البرية: “وإذا بالرب عابر وريح عظيمة شديدة قد شقّت الجبال وكسرت الصخور أمام الرب، ولم يكن الرب في الريح. وبعد الريح زلزلة، ولم يكن الرب في الزلزلة. وبعد الزلزلة نار، ولم يكن الرب في النار. وبعد النار صوت منخفض خفيف” (1 ملوك 19 : 11، 12). هكذا كان يسوع يعمل عمله ليس بواسطة صليل السيوف أو قرقعة الأسلحة ولا بواسطة قلب العروش والممالك بل بمخاطبة قلوب الناس بحياة الرحمة والتضحية. ML 196.1
إن مبدأ حياة المعمدان ألا وهو مبدأ إنكار النفس كان مبدأ ملكوت مسيا . ولقد عرف يوحنا جيدا كيف أن هذا كله كان على نقيض مبادئ رؤساء إسرائيل وانتظاراتهم. فما كان بالنسبة إليه برهانا مقنعا على ألوهية المسيح لم يكن كذلك بالنسبة إليهم ، فكانوا ينتظرون مسيحا غير موعود به . وقد رأى يوحنا أن مهمة المخلص لن تلاقي منهم غير الكراهية والإدانة والتقريع . وكان هو ، سابق المسيح ، يشرب من نفس الكأس التي كان السيد سيجرعها حتى الثمالة. ML 196.2
كانت كلمات المسيح القائلة: “ وطوبى لمن لا يعثر فيّ” توبيخا رقيقا ليوحنا ، ولم يكن ذلك التوبيخ بلا جدوى فإذ فهم الآن بأجلى وضوح طبيعة مهمة المسيح سلم نفسه لله للحياة أو للموت على مقتضى ما يخدم مصالح الملكوت الذي أحبه. ML 197.1