إن ذلك الشعب الذي قد اختاره الله ليكون عمود الحق وقاعدته صاروا نوابا عن الشيطان. كانوا يعملون ما أرادهم هو أن يعملوه إذ انتهجوا طريقا فيه صوروا صفات الله أسوأ تصوير وجعلوا الناس يعتبرونه طاغية مستبدا . حتى الكهنة أنفسهم الذين كانوا يخدمون في الهيكل ما عادوا يفهمون مغزى الخدمة التي كانوا يمارسونها . وما عادوا ينظرون خلف الرمز إلى ما كان يعنيه ويرمز إليه . وإذ كانوا يقدمون الذبائح الكفارية كانوا يتصرفون كمن يمثلون رواية .والفرائض التي قد رسمها الله ذاته صارت وسيلة في تعمية العقل وتقسية القلب . ولم يعد الله قادرا أن يعمل شيئا أكثر للإنسان عن طريق هذه الوسائل ، فكان لابد من إبطال النظام كله ML 33.1
لقد وصل خداع الخطية وتضليلها إلى أقسى حدوده. وكانت كل وسائل إبعاد النفوس عن الله دائبة في عملها . إن ابن الله إذ نظر من عليائه إلى العالم رأى آلام البشر وشقاءهم. وبكل عطف وإشفاق رأى كيف صار الناس ضحايا قسوة الشيطان . وبكل رفق نظر إلى أولئك الذين قد أفسدوا وقتلوا وهلكوا . لقد اختاروا سيدا كبلهم بالأغلال وأوثقهم إلى مركبته كأسرى ، وإذ كانوا متحيرين ومخدوعين كانوا يسيرون في موكب الحزن إلى الهلاك الأبدي- إلى موت لا رجاء في الحياة بعده ، وإلى ليل لا أمل في أن يعقبه نور النهار . إن أعوان الشيطان قد اتحدوا مع الناس . فأجسام بنى الإنسان التي خلقت لتكون مسكنا لله صارت مباءة للشياطين ، فأصبح الإنسان بحواسه وأعصابه وعواطفه وأعضاء جسمه فريسة لعوامل فائقة الطبيعة تشدد للانغماس في أحط الشهوات . فتعكس على وجهه صورة الشيطان الذي يسكن في قلب الإنسان . هذا هو المنظر الذي رآه فادي العالم . ما كان أرهب هذا المنظر الذي وقعت عليه أنظار الطهارة غير المحدودة! ML 33.2
لقد أصبحت الخطية علما وفنا واعتبرت الرذيلة جزءا من الدين ، فتأصل التمرد في القلب عميقا وصارت عداوة الإنسان للسماء عنيفة جدا. وقد تبرهن لدى الكون كله أن البشرية بدون الله لا يمكن أن ترتفع أو تتسامى أو تنهض من سقطتها . إذا فلابد من إدخال عنصر جديد للحياة والقوة بواسطة ذاك الذي خلق العالم ML 33.3