لم يكن تلاميذ يوحنا يدركون عمل المسيح إدراكا صحيحا. فظنوا أن التهم التي وجهها الفريسيون إلى المسيح هي تهم تنطوي على بعض الحقيقة ، ولها ما يبررها . وكانوا هم يحفظون كثيرا من الوصايا التي فرضها المعلمون بل كانوا يرجون أن يتبرروا بأعمال الناموس . كان اليهود يمارسون الصوم وكانوا ينتظرون أن يثابوا عليه . وأشد الناس تدقيقا بينهم كانوا يصومون مرتين في الأسبوع ، وكان الفريسيون وتلاميذ يوحنا صائمين عندما أتوا إلى يسوع قائلين: “لماذا نصوم نحن والفريسيون كثيراً، وأما تلاميذك فلا يصومون؟” (متى 9 : 14). ML 251.2
أجابهم يسوع بكل رقة ولطف. ولم يحاول تصحيح أفكارهم الخاطئة عن الصوم ، ولكنه أراد فقط أن يعطيهم فكرة صحيحة عن رسالته . وقد فعل هذا باستخدام نفس الرمز الذي استخدمه المعمدان نفسه عندما شهد ليسوع . قال يوحنا: “من له العروس فهو العريس، وأما صديق العريس الذي يقف ويسمعه فيفرح فرحاً من أجل صوت العريس. إذا فرحي هذا قد كمل” (يوحنا 3 : 29). إن تلاميذ يوحنا لم يفتهم أن يتذكروا هذا الكلام الذي نطق به معلمهم . فإذ استعار يسوع ذلك الرمز نفسه قال: “أتقدرون أن تجعلوا بني العرس يصومون ما دام العريس معهم؟” (لوقا 5 : 34). ML 251.3
كان ملك السماء بين شعبه. إن أعظم هبات السماء قد أعطيت للعالم . لقد كان هنالك فرح للمساكين لأن المسيح أتى ليجعلهم ورثة لملكوته ، وفرح للأغنياء لأنه سيعلمهم كيف يحصلون على الغنى الأبدي ، وفرح للجهلاء لأنه سيجعلهم يتحكمون للخلاص ، وفرح للعلماء لأنه سيكشف لهم عن أسرار أعمق مما قد اكتشفوا. والحقائق التي كانت محجوبة منذ تأسيس العالم كانت ستكشف للناس بواسطة رسالة المخلص. ML 251.4
سر المعمدان برؤية المخلص. وكم كانت فرصة مؤآتية للتلاميذ لأن يفرحوا حيث قد تمتعوا بامتياز السير والتحدث مع جلال السماء! إذا لم يكن هذا وقتا مناسبا للنوح والصوم. عليهم أن يفتحوا قلوبهم لاستقبال أنوار مجده ، حتى يشرق نورهم على الجالسين في الظلمة ووادي ظل الموت. ML 252.1