إن المسيح عندما نهى الناس عن المناداة به ملكا كان يعلم أنه قد وصل إلى نقطة تحول حاسمة في تاريخه. فالجماهير التي ترغب في إجلاسه على العرش اليوم ستنصرف عنه غدا . والخيبة التي قضت على طموحهم الأناني ستقلب محبتهم له إلى بغضه ، وتمجيدهم إلى لعنات . ولكن مع علمه بكل ذلك لم يقم بأي إجراء لتفادي الأزمة . ومنذ البداية لم يقدم لتابعيه أي وعد أو أمل في مكافآت أرضية . فلقد أجاب الرجل الذي جاءه في أحد الأيام يعلن عن رغبته في أن يكون تلميذا له ، بقوله: “للثعالب أوجرة، ولطيور السماء أوكار، وأما ابن الإنسان فليس له أين يسند رأسه” (متى 8 : 20). فلو أمكن الناس أن يحتفظوا بالعالم مع المسيح لكان ألوف منهم يأتون ليقدموا له ولاءهم ، ولكنه لم يقبل مثل تلك الخدمة . وكثيرون ممن كانت لهم صلة به حينئذ كان قد استهواهم الأمل في قيام مملكة عالمية . فكان عليه أن يصارحهم بالحقيقة . إنهم لم يفهموا الدرس الروحي العميق المتضمن في معجزة الأرغفة ، فكان يجب إيضاحه . ولا بد من أن يصحب هذا الإعلان الجديد اختبار أدق. ML 357.1
لقد ذاعت شهرة معجزة الأرغفة في كل مكان ، ففي صبيحة اليوم التالي تقاطر الناس من كل الأنحاء إلى بيت صيدا لكي يروا يسوع وكان عدد الآتين كبيرا ، فمنهم من جاء برا ، ومنهم من جاء عن طريق البحر. والذين كانوا قد تركوه في الليلة السابقة عادوا إلى هنالك على أمل أن يجدوه ، إذ لم تكن هناك سفينة يعبر فيها إلى الشاطئ الآخر . ولكن بحثهم كان غير مجد فوفد كثيرون منهم إلى كفرناحوم بحثا عنه. ML 357.2