عرف المسيح موقف هذه المرأة ، كما عرف أنها كانت تتوق لرؤيته فوضع نفسه في طريقها. وهو إذ يرثي لحزنها ويجبر قلبها يقدم مثالا حيا للدرس الذي قصد أن يعلمه .فلأجل هذا أتى بتلاميذه إلى ذلك الإقليم . لقد أرادهم أن يلمسوا مقدار الجهل المتفشي في المدن والقرى المتاخمة لأرض العبرانيين . فالشعب الذي أعطيت لهم كل فرصة لفهم الحق لم يكونوا يعرفون شيئا عن حاجات من حولهم . فلم يبذل أي مسعى لخير أولئك الجالسين في الظلمة . إن السور السميك الفاصل الذي أقامته الكبرياء اليهودية حال حتى بين التلاميذ أنفسهم والعطف على العالم الوثني . ولكن كان لا بد من نقض هذه السياجات. ML 376.1
إن المسيح لم يجب تلك المرأة إلى طلبها لأول وهلة ، فقد استقبل هذه المرأة التي تمثل الجنس المحتقر كما كان يمكن أن يستقبلها اليهود. وبهذا قصد أن يتأثر تلاميذه بالمعاملة الفاترة التي كان لليهود أن يعالجوا بها مثل هذه الحالة كما يثبته استقباله لتلك المرأة ، والكيفية الرقيقة المشفقة التي أرادهم أن يعاملوا بها مثل هذه الضيقة كما يظهر من استجابته لطلبها بعد ذلك. ML 376.2
ولكن مع أن يسوع لم يجبها بكلمة فإن تلك المرأة لم تفقد إيمانها. فإذ كان سائرا في طريقه كمن لم يسمعها اتبعته المرأة وجعلت تلاحقه بتوسلاتها . فإذ تضايق التلاميذ من صراخها سألوه أن يصرفها . لقد رأوا أن معملهم قد عاملها بغير اكتراث ولذلك ظنوا أن التعصب اليهودي ضد الكنعانيين أمر يسره . ولكن تلك المرأة كانت تتوسل إلى مخلص شفوق . وإجابة على كلام التلاميذ قال يسوع: “لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة” (متى 15 : 24). ومع أنه بدا كأن هذا الجواب مطابق لتعصب اليهود فقد كان يتضمن توبيخا للتلاميذ ، وقد فهموه بعد ذلك على أنه مذكر لهم بما كان قد قاله لهم مرارا - أي أنه قد جاء إلى العالم ليخلص كل من يقبله. ML 376.3