إن لعن يسوع لشجرة التين كان مثلا ممثلا على مسرح الحقيقة . فتلك الشجرة العقيمة التي كانت تتباهى بأوراقها الخضراء الخادعة أمام المسيح نفسه كانت رمزا للأمة اليهودية . وكان المخلص يرغب في أن يوضح لتلاميذه سبب ويقينية هلاك إسرائيلوحقيقة كون ذلك أمراً مؤكدا ومحتوما . فلأجل هذا الغرض أضفى على الشجرة صفات أدبية وجعل منها مفسرا وشارحا للحق الإلهي . لقد كان اليهود ممتازين على كل الأمم الأخرى وكانوا يعترفون بولائهم لله . وكان الله قد أغدق عليهم إحسانات خاصة ، وكانوا يدعون أنهم أبرار دون كل الأمم الأخرى . ولكن حبهم للعالم وطمعهم في الربح أفسد قلوبهم وحياتهم . كانوا يفخرون بمعرفتهم ولكنهم كانوا يجهلون مطاليب الله وكانوا مشحونين رياء . فكالشجرة العقيمة ارتفعت أغصان ادعاءاتهم عالية وكانت ناضرة في مظهرها وشهية للنظر ، ولكن: “لم يكن عليهم شيء إلا ورق”. إن الديانة اليهودية بهيكلها الفخم ومذابحها المقدسة وكهنتها بعمائمهم الطاهرة وطقوسها المؤثرة كانت في الواقع جميلة في مظهرها الخارجي ولكن كانت تعوزهم المحبة والوداعة والإحسان. ML 547.3
كانت كل الأشجار المغروسة في بستان التين بلا ثمر ، ولكن تلك الأشجار الجرداء لم تكن توحي بأي انتظارات ولم يشعر العابرون بالخيبة حين لم يجدوا فيها ثمرا . وقد كانت هذه الأشجار تمثل الأمم . كانوا خالين من التقوى كاليهود سواء بسواء ، ولكنهم لم يكونوا يدعون أنهم يخدمون الله . لم يكونوا يتباهون مدعين في أنفسهم التقوى والقداسة . كانوا عميانا فلم يروا أعمال الله ولا طرقه . فبالنسبة إليهم لم يكن قد جاء وقت التين . كانوا لا يزالون ينتظرون اليوم الذي يأتيهم بالنور والرجاء . أما اليهود الذين كانوا قد تمتعوا ببركات أعظم أغدقها عليهم الله فكانوا مسؤولين عن سوء استخدامهم لتلك الهبات والامتيازات التي كانوا يتباهون بها زادت من هول آثامهم. ML 548.1
لقد أقبل يسوع على شجرة التين وهو جائع لعله يجد فيها ثمرا . وكذلك قد أتى إلى إسرائيل وهو جائع وتائق لأن يجد فيهم ثمار البر . لقد أغدق عليهم من فيض هباته لعلهم يثمرون ثمرا به يباركون العالم كله ، كما اعطيت لهم كل الفرص والامتيازات . وفي مقابل ذلك كان الرب ينتظر منهم أن يبدوا عطفهم على عمل نعمته وتعاونهم معه فيه . كان يتوق لأن يرى فيهم صفات التضحية والرأفة والغيرة لله والحنين القلبي العميق لخلاص بني جنسهم . فلو حفظوا شريعة الله لكانوا قد عملوا نفس عمل المسيح الخالي من الأنانية . ولكن محبة الله ومحبة الناس طغت عليهما الكبرياء والاكتفاء الذاتي . لقد جلبوا على أنفسهم الويل والدمار لكونهم رفضوا خدمة الآخرين . ولم يشركوا العالم معهم في اقتناء كنوز الحق التي أودعها الله بين أيديهم . وكان يمكنهم أن يكتشفوا في الشجرة العميقة خطيتهم وقصاصها . إن شجرة التين التي يبستها لعنة المخلص وكانت واقفة ذابلة ومضروبة وقد يبست من الأصول- هذه الشجرة برهنت على ما يمكن أن يصير إليه الشعب اليهودي عندما تؤخذ منهم نعمة الله . فما داموا قد رفضوا أن يشركوا غيرهم معهم في البركة فلن ينالوا بركة فيما بعد . يقول الرب: “هلاكك منك يا إسرائيل” (هوشع 13 : 9). ML 548.2