إن هذا الإنذار يصلح لكل العصور ، فعمل المسيح في كونه قد لعن الشجرة التي قد خلقها بقدرته هو إنذار لكل الكنائس وكل المسيحيين . لا يستطيع إنسان أن يعيش بموجب شريعة الله دون أن يخدم الآخرين . ولكن يوجد كثيرون ممن لا يعيشون حياة المسيح الرحيمة المنكرة لذاتها . إن بعض من يظنون أنفسهم من أفاضل المسيحيين لا يفهمون معنى خدمة الله . إنهم يرسمون الخطط و يدرسونها لكي يرضوا أنفسهم . ولا يتصرفون إلاّ بموجب ما يخدم الذات . فللوقت قيمته في نظرهم على قدر ما يجنون من الربح لأنفسهم . وهذا هو هدفهم في كل شؤون الحياة . إنهم لا يخدمون لأجل الآخرين بل لأجل أنفسهم . لقد خلقهم الله في عالم ينبغي أن تقدم فيه الخدمة المنكرة لنفسها ، وهو يريدهم أن يساعدوا بني جنسهم بكل وسيلة ممكنة . ولكن الذات احتلت كل كيانهم وسيطرت عليهم بحيث لا يمكنهم أن يروا شيئا آخر . إنهم ليسوا على اتصال بالإنسانية . والذين يعيشون هكذا لأنفسهم يشبهون تلك التينة التي أبدت كل ادعاء ولكنها عقيمة لا ثمر فيها . إنهم يراعون طقوس العبادة ، ولكن بلا توبة أو إيمان . يعترفون بأنهم يكرمون شريعة الله ولكن تعوزهم الطاعة . يقولون ولا يفعلون . إن المسيح إذ نطق بحكمه على شجرة التين أظهر مقدار كراهيته للتظاهر والادعاءات الفارغة العاطلة . وهو يعلن أن الخاطئ الصريح المكشوف أخف جرما ممن يعترف بأنه يخدم الله ولكنه لا يثمر لمجده. ML 549.1
إن مثل التينة الذي نطق به المسيح قبل زيارته لأورشليم كانت له علاقة مباشرة بالدرس الذي علمه لتلاميذه عندما لعن التينة العقيمة . لأن التينة العقيمة المذكورة في المثل توسل الكرام لأجلها قائلا: يا سيد اتركها هذه السنة أيضاً حتى أنقب حولها وأضع زبلا . فإن صنعت ثمرا وإلا ففيما بعد تقطعها . كان لا بد للكرام من أن يولي تلك الشجرة العقيمة اهتماما زائدا ورعاية خاصة ، وكان لابد من تقديم كل المزايا لتلك الشجرة . فإن ظلت على عقمها فلا مندوحة من قطعها . في مثل التينة العقيمة لم تذكر نتيجة خدمة الكرام ورعايته ولا أنبئ بها . وكانت النتيجة تتوقف على ذلك الشعب الذين نطق المسيح بهذا الكلام في مسامعهم . لقد شبهوا بالتينة العقيمة وكان عليهم وحدهم أن يقرروا مصيرهم . لقد قدمت لهم كل المزايا التي أمكن أن تمنحهم السماء إياها ، ولكنهم لم ينتفعوا بتلك البركات المنسكبة عليهم . وإذ لعن المسيح التينة العقيمة أعلنت النتيجة . لقد حكموا على أنفسهم بالهلاك. ML 549.2