لقد عظم الفريسيون الوصايا الأربع الأولى التي تتناول واجب الإنسان نحو خالقه ، على أنها أعظم بكثير من الوصايا الست التي تحدد واجب الإنسان نحو أخيه وكان من نتائج ذلك أن أخفق الناس في التقوى العملية وأغفلوها . كان يسوع قد أبان للناس نقصهم العظيم وعتقهم لزوم الأعمال الصالحة معلنا أن الشجرة تعرف من ثمرها . ولهذا السبب اتهم بتعظيمه للوصايا الست الاخيرة فوق الوصايا الأربع الأولى. ML 571.4
تقدم ذلك الناموسي إلى يسوع بسؤال مباشر قائلا: “أية وصية هي أول الكل؟” وقد كان جواب المسيح مباشرا وفعالا إذ أجابه قائلا: “إن أول كل الوصايا هي: اسمع يا إسرائيل. الرب إلهنا رب واحد. وتحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل نفسك، ومن كل فكرك، ومن كل قدرتك. هذه هي الوصية الأولى”. وقال المسيح إن الثانية هي مثل الأولى لأنها تنبع منها: “تحب قريبك كنفسك. ليس وصية أخرى أعظم من هاتين”. “بهاتين الوصيتين يتعلّق الناموس كله والأنبياء”. ML 572.1
إن الوصايا الأربع الأولى من الوصايا العشر مجملة في الوصية العظمى القائلة: “تحب الرب إلهك من كل قلبك” والوصايا الست الأخيرة متضمنة في الوصية الأخرى وهي: “تحب قريبك كنفسك”. وكلتا هاتين الوصيتين هي تعبير عن مبدإ المحبة . فلا يمكن حفظ الوصية الأولى بينما تكسر الثانية ، كما لا يمكن حفظ الوصية الثانية بينما تكسر الأولى .فمتى كان الله مركزه الشرعي على عرش القلب فإننا نضع القرب في الوضع اللائق به فنحبه كأنفسنا . وفقط عندما نحب الله من كل القلب يصبح في إمكاننا أن نحب قريبنا وبدون محاباة وبكل إنصاف. ML 572.2
وحيث أن كل الوصايا مجملة في محبتنا لله وللناس فيتبع ذلك أنه لا يمكن تعدي أية وصية دون الانتقاض على هذا المبدإ . وهكذا علَّم المسيح سامعيه أن شريعة الله ليست وصايا كثيرة متفرقة بعضها هام والبعض الآخر قليل الأهمية ويمكن تجاهله بوقاحة وازدراء . إن ربنا يقدم الوصايا الأربع الأولى والوصايا الست الأخيرة كوحدة إلهية وهو يرينا أن محبتنا له تتبرهن بطاعتنا لكل وصاياه. ML 572.3