إن العالم المليء بالعربدة والمسرات الآثمة هو نائم يغط في طمأنينته الجسدية . والناس يبعدون عن تفكيرهم مجيء الرب ويسخرون بالإنذارات . وهم يتشدقون في فخر وكبرياء قائلين: “كل شيء باق هكذا من بدء الخليقة”، “ويكون الغذ كهذا اليوم عظيماً بل أزيد جداً” (2 بطرس 3 : 4 ؛ إشعياء 56 : 12)، وسننغمس في عمق أعمال محبة الذات . ولكن المسيح يقول: “ها أنا آتي كلص” (رؤيا 16 : 15). ففي نفس الوقت الذي يقول العالم فيه بازدراء: “أين هو موعد مجيئه؟” تكون العلامات في طريقها إلى الإتمام . وفيما هم يصرخون قائلين: “سلام وأمان”، “يفاجئهم هلاك بغتة”، وعندما يصير المزدري ورافض الحق متغطرسا ، وعندما يسير الناس في روتين عملهم اليومي مسرعين في جمع المال دون اعتبار للمبادئ ، وعندما يكون الطالب جادا بكل شوق في طلب العلم فيما عدا معرفة كتابه المقدس يأتي المسيح كلص. ML 602.3
إن كل ما في العالم هو في حالة انفعال واهتياج ، وعلامات الأزمنة تنذر بالسوء ، والأحداث القادمة تلقي ظلالها القاتمة على ما أمامها ، وروح الله هو في طريقه للانسحاب من الأرض ، والنكبات تجيء متلاحقة بعضها في إثر بعض في البحر وعلى اليابسة .فهنالك الأعاصير والزلازل والحرائق والفيضانات وجرائم القتل بمختلف أنواعها . من ذا يستطيع التكهن بالمستقبل ؟ أين توجد السلامة والأمان ؟ لا يوجد أمان في أي شيء بشري أو أرضي . والناس يسرعون للانضواء تحت الراية التي اختاروها . وهم بصبر نافد ينتظرون تحركات قادتهم . هنالك من ينتظرون ساهرين وعاملين على سرعة ظهور السيد وهنالك فريق آخر يصطفون تحت قيادة المرتد العظيم الأول مهلك النفوس . وقليلون هم الذين يعتقدون بوجود جحيم العذاب فيبتعدون عنه ، والسماء ليسعوا إلى الحصول عليها. ML 603.1
إن الأزمة تزحف إلينا سريعا . والشمس تشرق في السماء سائرة في مدارها العادي كل يوم ، والسماوات لا تزال تحدث بمجد الله . والناس لا يزالوا يأكلون ويشربون ويغرسون ويبنون ويتزوجون ويزوجون . والتجار ما زالوا يشترون ويبيعون ، والناس ما زالوا يتدافعون بالمناكب أحدهم ضد الآخر يتنازعون للوصول إلى أرفع المناصب . ومحبو الملذات والطرب ما زالوا يتزاحمون على الملاهي ويتدفقون على ميادين السباق وجحيم القمار . إن أعظم تهيج يسود ومن ساعة الانتظار والإمهال تقترب من نهايتها وستنتهي وشيكا . ويختم إلى الأبد على مصير كل إنسان . إن الشيطان يعلم أن وقته قصير ولذلك فقد عبأ كل قواته للعمل على خداع الناس وتضليلهم وإيهامهم وصرفهم عن التفكير وسلب عقولهم حتى تنقضي فرصة الإمهال ويغلق باب الرحمة إلى الأبد. ML 603.2
فبكل خطورة وقوة تأتينا كلمات ربنا المحذرة عبر الأجيال من فوق جبل الزيتون قائلة: “فاحترزوا لأنفسكم لئلا تثقل قلوبكم في خمار وسكر وهموم الحياة، فيصادفكم ذلك اليوم بغتة”، “اسهروا إذاً وتضرّعوا في كل حين، لكي تحسبوا أهلاً للنجاة من جميع هذا المزمع أن يكون، وتقفوا قدّام ابن الإنسان” (لوقا 21 : 30 و 36). ML 603.3