تألم المسيح آلاما قاسية من الشتائم والإهانات التي انهالت عليه . لقد لاقى كل إهانة من الخلائق التي قد خلقها والتي لأجلها أقدم على تلك التضحية الهائلة إذ قدم نفسه ذبيحة لأجلهم . تألم بنسبة كمال قداسته وبغضه للخطية . ومحاكمته التي جرت على أيدي أولئك الناس الذين كانوا يمثلون دور الشياطين كانت بالنسبة إليه تضحية دائمة . وكونه محاطا بتلك الخلائق التي كانت تحت سيطرة الشيطان كان منفرا له . عرف أنه كان يستطيع في لحظة أن يطرح معذبيه القساة أولئك في الرماد بإظهار قدرته الإلهية . وقد زاد هذا من قسوة تلك المحاكمة. ML 662.3
كان اليهود ينتظرون ظهور مسيا في أبهة ظاهرة . كانوا ينتظرون أنه بومضة من إرادته القاهرة سيغير مجرى تفكير الناس ويرغمهم على الاعتراف بسيادته . وهكذا اعتقدوا أنه بهذه الكيفية سيظفر بالمجد لذاته ويحقق لهم مطامعهم وآمالهم . فلما عومل المسيح بمنتهى الاحتقار جاءته تجربة شديدة ليعلن صفته الإلهية . لقد كان يستطيع بكلمة أو نظرة إرغام ظالميه ومضطهديه على الاعتراف به رباً وسيداً فوق كل الملوك والرؤساء والكهنة والهيكل . ولكنها كانت مهمته الصعبة أن يظل في مركزه الذي قد اختاره كواحد مع البشر. ML 662.4
رأى ملائكة السماء كل حركة اتخذت ضد قائدهم المحبوب ، وكانوا يتوقون لإنقاذ المسيح . إن الملائكة هم على أعظم جانب من القدرة في تنفيذهم مقاصد الله ، ففي مرة قتلوا من جيش أشور في ليلة واحدة 185 ألفا امتثالا لأمر المسيح . فكم بالأولى يستطيع الملائكة بكل سهولة وهم ينظرون ذلك المشهد المهين مشهد محاكمة المسيح أن يظهروا غضبهم بكونهم يحرقون بالنار أعداء الله ! ولكن لم يؤمروا بذلك . فذاك الذي كان يستطيع أن يقضي على أعدائه بالموت احتمل قسوتهم . إن محبته لأبيه والعهد الذي أخذه على نفسه منذ تأسيس العالم بأن يصير حامل الخطايا ، كل ذلك جعله يحتمل بدون تذمر المعاملة القاسية من أولئك الذين قد أتى ليخلصهم . كان من ضمن رسالته أن يحمل في جسد بشريته كل تعيير وإهانة يصبها الناس عليه . وكان رجاء الإنسانية الوحيد هو في تسليم المسيح لكل ما كان يمكنه احتماله من أيدي الناس وقلوبهم. ML 663.1