وهكذا أعطى المسيح لتلاميذه تفويضا ، وأعد كل ما يلزمهم لإتمام ذلك العمل وأخذ على نفسه مسؤولية نجاح العمل . وطالما كانوا مطيعين لكلامه وقاموا بعملهم وهم مرتبطون به فما كانوا ليفشلوا . قال لهم اذهبوا إلى العالم أجمع ، إلى أقصى مكان في المسكونة ، ولكن اعلموا أني سأكون معكم . اخدموا بإيمان وثقة لأنه لن يأتي وقت أترككم فيه. ML 776.2
وقد شمل تفويض المخلص لتلاميذه كل المؤمنين ، وهو يشمل كل المؤمنين بالمسيح في كل العصور . إن الظن بأن عمل ربح النفوس وتخليصها مقتصر على الخدام المرتسمين وحدهم هو خطأ قاتل . إن كل من قد أتى إليهم الوحي الإلهي قد استؤمنوا على الإنجيل . وكل من يقبلون حياة المسيح هم معينون لأن يعملوا على خلاص بني جنسهم .لقد أقيمت الكنيسة لأجل هذا العمل ، وكل من يأخذون على أنفسهم عهودها المقدسة قد ارتبطوا بموجب تلك العهود أن يكونوا عاملين مع المسيح. ML 776.3
“الروح والعروس يقولان: تعال! ومن يسمع فليقل: تعال!” (رؤيا 22 : 17). على كل من يسمع أن يكرر الدعوة . مهما تكن حرفة الإنسان في الحياة ينبغي أن يكون اهتمامه الأول هو ربح النفوس للمسيح . قد لا يكون قادرا على مخاطبة الجماهير في كنيسة ، ولكنه يستطيع أن يخدم بين الأفراد . ويمكنه أن يبلغ هؤلاء الأفراد التعاليم التي أخذها من سيده ، فالخدمة لا تنحصر في الكرازة وحدها . إن أولئك الذين يخففون آلام المرضى والمتألمين ويساعدون المعوزين ويشجعون اليائسين والقليلي الإيمان بكلام العزاء- كل أولئك يخدمون . فهنا وهناك توجد نفوس منحنية تحت أثقال آثامها . والذي يحط من قدر الإنسان ليس هو المشقة أو التعب أو الفقر ، ولكنه الإثم وعمل الشر . هذا يجلب على الإنسان التعب والتبرم . إن المسيح يطلب من خدامه أن يخدموا المرضى بالخطية. ML 776.4
كان على التلاميذ أن يبدأوا عملهم حيث كانوا . فلم يكن يجب إغفال الحقل الأصعب الذي لا يرجى منه خير . وهكذا على كل خادم للمسيح أن يبدأ حيث هو . فقد توجد بين عائلاتنا نفوس جائعة إلى العطف وإلى خبز الحياة . وقد يكون هنالك أولاد يجب تربيتهم للمسيح . يوجد أناس وثنيون واقفون على أبوابنا . فلنقم بالعمل الأقرب إلينا بكل أمانة .وبعد ذلك يمكننا أن نمد جهودنا ومساعينا إلى أبعد مكان يمكن أن يرسلنا إليه الله . إن كثيرين يبدو عملهم محصورا بحكم الظروف ، ولكن أينما يكن ذلك العمل ، فإذا كنا نعمله بإيمان واجتهاد فسيكون له أثره إلى أقصى الأرض . إن عمل المسيح حين كان على الأرض بدا وكأنه منحصر في حيز ضيق ، ولكن جماهير من كل البلدان استمعوا لرسالته . أحيانا كثيرة يستخدم الله أبسط الوسائل لتحقيق أعظم النتائج . إن تدبيره هو أن كل جزء في عمله يعتمد على كل الأجزاء الأخرى ، كعجلة في داخل عجلة والكل يعمل في تناسق تام . إن أبسط عامل يحركه روح الله يمكن أن يلمس أوتار غير منظورة فترسل أشجى الأنغام إلى أقاصي الأرض ، وتبعث أنغامها على مدى الدهور. ML 777.1
ولكن يجب ألا يغيب عن بالنا أمر الرب القائل: “اذهبوا إلى العالم أجمع”. الرب يدعونا إلى أن نرفع أنظارنا إلى الأقاليم البعيدة . إن المسيح ينقض حائط السياج والتعصب القومي الموجب للانقسام ، ويعلمنا أن نحب كل الأسرة البشرية ، وهو يرفع الناس فوق الأفق الضيق الذي تعرضه الأنانية ، ويبطل كل الحدود الإقليمية وفروق المجتمع المصطنعة . ولا يجعل فارقا بين قريب وغريب أو عدو وصديق . وهو يعلمنا أن ننظر إلى كل نفس محتاجة على أنها نفس أخ لنا ، وأن نعتبر العالم حقلنا. ML 777.2