واجه السيّد المسيح في البرية التجارب العظيمة التي تهاجم الإنسان. وهناك نازل، منفردًا، العدو الماكر والمراوغ وانتصر عليه. كانت التجربة الكبيرة الأولى متمثلة في شهوة الأكل والشرب (الشهية)، والثانية كانت تتمثّل في الغطرسة، والثالثة كانت محبة العالم وتعظم المعيشة. لقد أراه الشيطان عروش وممالك العالم ومجدها، وجاء إليه بالكرامة والثروات الأرضية وملذات الحياة ووضعها أمامه وسلّط عليها نورًا جذابًا لإغرائه وخداعه. ثم قال للمسيح: «أُعْطِيكَ هذِهِ جَمِيعَهَا إِنْ خَرَرْتَ وَسَجَدْتَ لِي» (متى ٤: ٩). لكن المسيح قاوم العدو المخادع وخرج من التجربة منتصرًا. CSAr 209.3
لن يواجه الإنسان أية تجارب بقوة التجارب التي واجهها السيّد المسيح، ومع ذلك فالشيطان يحرز نجاحًا أكبر مع الإنسان. CSAr 210.1
«كل هذا المال، هذه المكاسب، هذه الأراضي، هذه القوة، وهذه الكرامة وهذا الغنى، أعطيك هذه جميعها« — من أجل ماذا؟ إن الشرط نادرًا ما يكون في وضوح الشرط الذي قُدّم للمسيح، ألا وهو «إن خررت وسجدت لي». فالشيطان يكتفي بأن يجعل الناس يتخلون عن النزاهة والاستقامة، وأن يصبح ضميرهم ميتًا. وهو ينال الولاء الذي يطلبه من خلال التكريس للاهتمامات العالمية. ويترك الباب مفتوحًا أمامه ليدخل كما يشاء بقطاره الشرير المتسم بعدم الصبر ومحبة النفس والكبرياء والجشع وعدم الأمانة. إن التأثير الواقع على الإنسان والإغراء الشرير الذي يضعه الشيطان أمامه سيقوده للهلاك. CSAr 210.2
لكن المسيح انتصر على الشيطان، وبمثاله يعرض لنا الطريقة التي يمكن أن نحصل نحن أيضًا من خلالها على الانتصار. قاوم المسيح الشيطان بالكتاب المقدس، وكان باستطاعته اللجوء إلى قوته الإلهية الخاصة واستخدام كلماته الشخصية في مواجهة التجربة، لكنه قال: «مَكْتُوبٌ: لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللهِ« (متى ٤: ٤). فإذا قمنا بدراسة الكتاب المقدس وإتباع تعليماته وأوامره، سيكون الإنسان المسيحي مُحصَّناً لمواجهة تجارب العدو الماكرة؛ ولكن بسبب إهمال كلمة الله، فالكوارث والهزيمة تحدث. CSAr 210.3