Loading...
Larger font
Smaller font
Copy
Print
Contents
الأنبياء والملوك - Contents
  • Results
  • Related
  • Featured
No results found for: "".
  • Weighted Relevancy
  • Content Sequence
  • Relevancy
  • Earliest First
  • Latest First
    Larger font
    Smaller font
    Copy
    Print
    Contents

    الفصل الثاني عشر — من يزرعيل إلى حوريب

    (اعتمد هذا الفصل على ما ورد في 1 ملوك 18: 41-46، 19: 1-8).

    بعدما ذُبح أنبياء البعل انفتح الطريق للقيام بإصلاح روحي عظيم بين أسباط المملكة الشمالية العشرة. لقد وضع إيليا أمام الشعب ارتدادهم بوضوح ودعاهم كي يتواضعوا ويتذللوا بقلوبهم ويرجعوا إلى الرب. لقد نُفذن أحكام السماء واعترف الشعب بخطاياهم والله إله آبائهم بوصفه الإله الحي. فحان الوقت الآن لكي تزول عنهم لعنة السماء وتتجدد لهم بركات الحياة الزمنية وتنتعش الأرض بالمطر وقال إيليا لآخاب: ”اصعد كل واشرب لأنه حس دوي المطر“ (1 ملوك 18 : 14). حينئذ صعد النبي إلى قمة الجبل ليصلّي.AM 126.1

    وبثقة أمر إيليا آخاب كي يستعد لهطول المطر ولكن ليس بسبب أي برهان خارجي. فالنبي لم ير سحاباً في السماء ولا سمع أصوات الرعود، إنه فقط نطق بالكلمة التي حركه بها روح الرب إجابة لقوة إيمانه. فهو تمم إرادة الله طوال ذلك اليوم بلا تراجع، وأعلن ثقته التامة في نبوّات كلمة الله، والآن بعدما عمل كل ما في وسعه علم أن السماء ستمنح بسخاء البركات التي سبق وأنبأ بها.AM 126.2

    فالإله ذاته الذي أرسل القحط والجفاف وعد بإرسال المطر الغزير مكافأة عن عمل الصواب والحق. والآن أخذ إيليا ينتظر هطول المطر الموعود به وبوداعة. شديدة جعل ”وجهه بين ركبتيه“ وجعل يتوسط أمام الله متوسلاً لأجل بني شعبه التائبين.AM 126.3

    ثم أرسل إيليا غلامه مراراً إلى بقعة تشرف على البحر الأبيض المتوسط ليعلم ما إذا كانت هناك أية علامة ظاهرة أن الله سمع صلاته. وكان الغلام يعود في كل مرة ليقول: ”ليس شيء“. ولم يضجر النبي ولا تزعزع إيمانه، لكنه ظل يرفع صلواته الحارة. وذهب الغلام وعاد ست مرات ليقول أنه لا توجد علامة على نزول المطر من السماء التي كانت كالنحاس. لكن إيليا الشجاع أرسله للمرة السابعة، وعاد الغلام في هذه المرة ليقول: ”هوذا غيمة صغيرة قد كف إنسان صاعدة من البحر“ (1 ملوك 18 : 44).AM 127.1

    كان هذا كافياً بالنسبة لإيليا. فهو لم ينتظر حتى تظلم السماء بالسحب الداكنة. فقد ساعده إيمانه أن يرى في تلك الغيمة الصغيرة، مطراً وفيراً. فكان تصرفه منسجماً مع إيمانه إذ أرسل غلامه برسالة عاجلة إلى آخاب تقول ”اشدد وانزل لئلا يمنعك المطر“ (1 ملوك 18 : 44).AM 127.2

    كان إيليا رجلاً ذا إيمان عظيم بحيث استطاع الله استخدامه في هذه الأزمة العصيبة من تاريخ إسرائيل. فعندما صلّى ازداد إيمانه وتمسك بمواعيد السماء، وظل مثابراً على الصلاة حتى أجيبت طلباته. ولم ينتظر كي يحصل على أكمل برهان أن الله قد سمعه. لكنه كان على استعداد بالمجازفة بكل شيء لأقل علامة من علامات رضى الله. ومع ذلك فكل ما استطاع أن يفعله تحت يد الله يمكن للجميع أن يفعلوه في محيط نشاطهم في خدمة الله، لأنه مكتوب على النبي الذي من جبال جلعاد هذا القول: ”كان إيليا إنساناً تحت الآلام مثلنا وصلّى صلاة أن لا تمطر على الأرض ثلاث سنين وستة أشهر“ (يعقوب 5 : 17).AM 127.3

    يحتاج العالم اليوم إلى إيمان كهذا يتمسك بمواعيد كلمة الله ولا يسمح لها بالإفلات منه ما لم تستجيب السماء. إن إيماناً كهذا يربطنا بالسماء ويأتينا بالقوة التي نكافح بها قوات الظلمة. استطاع أولاد الله بالإيمان أن يعملوا أعمالاُ باهرة فقد ”قهروا ممالك، صنعوا براً، نالوا مواعيد، شدوا أفواه أسود، أطفأوا قوة النار، نجوا من حد السيف، تقووا من ضعف، صاروا أشداء في الحرب، هزموا جيوش غرباء“ (عبرانيين 11 : 22،34). نستطيع نحن اليوم أن نصل إلى أسمى مقاصد الله نحونا بالإيمان: ”إن كنت تستطيع أن تؤمن. كل شيء مستطاع للمؤمنين“ (مرقس 9 : 23).AM 128.1

    الإيمان عنصر جوهري من عناصر الصلاة الغالبة: ”يجب أن الذي يأتي إلى الله يؤمن بأنه موجود وأنه يجازي الذين يطلبونه“. ”إن طلبنا شيئاً حسب مشيئته يسمع لنا. وإن كنا نعلم أنه مهما طلبنا يسمع لنا نعلم أن لنا الطلبات التي طلبناها منه“ (عبرانيين 11: 7، 1 يوحنا 14، 15). يمكننا أن نقدم طلباتنا إلى الآب بإيمان ومثابرة كإيمان يعقوب وبإصرار وعدم استسلام كإصرار إيليا، طالبين منه أن يتمم ما وعد به. فكرامة عرشه متوقّفة على إتمام كلامه.AM 128.2

    كان ظلام الليل يزحف حول جبل الكرمل عندما كان آخاب يتأهب للنزول: ”وكان من هنا إلى هنا أن السماء اسودّت من الغيم والريح وكان مطر عظيم. فركب آخاب ومضى إلى يزرعيل“ (1 ملوك 18 : 45). إذ كان آخاب مسافراً إلى عاصمة ملكه والظلام محدق به والأمطار تنهمر عليه، كاد يعمى عن رؤية الطريق أمامه. أما إيليا كنبي الله إذ كان قد أذلّ آخاب في ذلك اليوم أمام رعاياه وذبح كهنته الوثنيين، كان مازال يعترف به ملكاً على إسرائيل، ولكي يبرهن الآن على ولائه للملك، وإذ تقوّى بقوّة الله، فقد ركض أمام المركبة الملكية وأرشد الملك إلى باب المدينة.AM 128.3

    إننا نجد في ذلك العمل الكريم الذي قام به رسول الله لملك شرير، قدوة لكل من يدّعون بأنهم خدّام الله ومع ذلك هم مترّفعون في نظر أنفسهم. يوجد من يحسون بأنهم أرفع من أن يمارسوا واجبات تبدو حقيرة في نظرهم. وهم يترددون في القيام حتى بالخدمة اللازمة إذ يخشون أن يراهم أحد وهم يقومون بعمل الخدم. هؤلاء الناس يحتاجون إلى تعلّم الكثير من مثال إيليا. فبكلمته احتبس المطر لمدى ثلاث سنوات، وقد أكرمه الله إكراماً خاصاً بإجابة صلاته التي قدّمها على جبل الكرمل إذ نزلت نار من السماء وأكلت الذبيحة، ونفذ حكم الله بقتله أنبياء البعل بنفسه وأجيبت صلاته حين طلب هطول المطر. ومع ذلك فبعد الإنتصارات الشهيرة التي سر الله أن يكرم بها خدمته الجهارية كان مستعداً للقيام بعمل الخدم.AM 129.1

    وعند باب يزرعيل افترق إيليا عن آخاب. فإذ اختار النبي أن يبقى خارج الأسوار لف نفسه بردائه واضطجع على الأرض الجرداء لينام. أما الملك فإذ ولج الأسوار أسرع للاحتماء في قصره حيث أخبر امرأته بالأحداث العجيبة التي وقعت بحيث تبرهن للشعب أن الرب هو الإله الحقيقي وأن إيليا هو رسوله المختار. وحين أخبر آخاب الملكة عن قتل أنبياء البعل ثارت إيزابل القاسية المتحجرة القلب واهتاجت، ورفضت أن ترى في ما حدث على جبل الكرمل عناية الله المسيطرة، وإذ كانت سادرة في تحدّيها أعلنت بكل جرأة أن إيليا يجب أن يموت.AM 129.2

    في تلك الليلة جاء رسول إلى ذلك النبي التعب وأيقظه وسلّم إليه رسالة إيزابل التي تقول: ”هكذا تفعل الآلهة وهكذا تزيد إن لم أجعل نفسك كنفس واحد منهم في نحو هذا الوقت غداً“ (1 ملوك 19 : 2).AM 130.1

    كان يبدو أنه بعدما أبدى إيليا شجاعة لا تعرف الخوف، وبعد نصرته الكاملة على الملك والكهنة والشعب، لن يستسلم لليأس فيما بعد ولن يرتعب أو يجبن. ولكن ذاك الذي باركه الله بتلك البراهين المحسومة الكثيرة على عناية محبته لم يكن فوق متناول الضعفات البشرية، في هذه الساعة المُظلمة فارقه إيمانه وتبدّدت شجاعته. وقد صحا من نومه وهو مرتبك ومتحير. كان المطر مازال ينهمر وغطى الظلام كل مكان. لقد نسي النبي أنه منذ ثلاث سنوات أرشده الله ووجّه خطواته إلى مكان لجأ إليه من عداوة إيزابل وتفتيش آخاب، فنراه الآن يهرب لحياته. ولما وصل إلى بئر السبع: ”ترك غلامه هناك، ثم سار في البرية مسيرة يوم“ (1 ملوك 19 : 3، 4).AM 130.2

    ما كان يجب على إيليا أن يهرب من مركز خدمته وواجباته. كان عليه مقابلة وعيد إيزابل بأن يلجأ في طلب الحماية ممن أرسله لتحقيق وتأييد كرامة الرب. كان ينبغي له أن يقول لذلك الرسول أن الإله الذي يتكل عليه سيحفظه من كراهية الملكة. لم يكن قد مر غير وقت قصير منذ شاهد استعراضاً عجيباً لقدرة الله، وكان يجب أن يؤكد له ذلك أنه لن يُترك الآن. ولو بقي حيث هو وجعل الله ملجأه وهو واقف بثبات إلى جانب الحق لكان قد حُفظ من كل أذى. وكان الرب سيعطيه انتصاراً شهيراً آخر بإيقاع أحكامه وضرباته على إيزابل نفسها، والتأثير الذي كان سيحدث للملك والشعب كان سيحقق إصلاحاً عظيماً.AM 130.3

    توقع إيليا الكثير من المعجزة التي حدثت على جبل الكرمل. كان يؤمن أنه بعد ظهور قدرة الله لن يعود لإيزابل تأثير على عقل آخاب وأن إصلاحاً سريعاُ سيعم الشعب. وطوال ذلك اليوم الذي قضاه فوق قمة جبل الكرمل أرهق نفسه بالخدمة دون أن يتناول طعاماً. ومع ذلك فعندما تقدّم راكضاً أمام مركب آخاب إلى باب يزرعيل كان قوياً في شجاعته برغم الإجهاد الجسماني الذي صاحب عمله هذا.AM 131.1

    ولكن رد فعل كالذي غالباَ ما يتبع إيماناً قوياً ونجاحاُ مجيداً كان يضغط على إيليا. كان يخشى ألا يدوم الإصلاح الذي بدأ على جبل الكرمل، فاستبدت بقلبه الكآبة. بالأمس ارتفع إلى قمة ”الفسجة“ والآن يهوي إلى الأعماق. عندما كان تحت إلهام الله القدير، ثبت إيمانه أمام أقسى امتحان، ولكن عندما دهمه الخوف ورن في أذنيه تهديد إيزابل، وعندما كان يبدو أن الشيطان انتصر بواسطة مؤامرة إيزابل الشريرة، كف إيليا عن تمسكه بالله. كان قد ارتفع إلى علو شاهق، فكان رد الفعل هائلاً مريعاً. إذ نسي إيليا الله، هرب حتى وجد نفسه وحيداً في قفر موحش. وإذ كان في أشد حالات التعب جلس تحت رتمة ليستريح، وهناك طلب الموت لنفسه قائلاً: ”قد كفى الآن يا رب خذ نفسي لأني لست خيراً من آبائي“ (1 ملوك 19 : 4). كان هارباً بعيداً عن مساكن الناس وخارت قواه وتلاشت تحت ثقل الفشل المرير، لذلك لم يُرد أن ينظر إلى وجه إنسان قط. وإذ كان منهوك القوى اضطجع ونام أخيراً.AM 131.2

    تأتي على الجميع أوقات اختبار فيها يحسون بخيبة أمل قاسية ووهن شديد. أيام يكون الحزن من نصيب الإنسان بحيث يغدو من الصعب عليه الاعتقاد أن الله مازال هو المحسن الرحيم نحو أولاده الضعفاء، أيام تزعج فيها الضيقات النفس وتشرذمها حتى ليفضل الإنسان الموت على الحياة. في ذلك الحين يكف كثيرون عن التمسك بالله ويقعون أسرى الشك وعدم الإيمان. فلو أمكننا في مثل تلك الأوقات أن نميّز ببصيرتنا الروحية معنى أعمال عناية الله، لرأينا الملائكة يحاولون إنقاذنا من أنفسنا ويجاهدون لتثبيت أقدامنا على الآكام الدهرية لينبثق في أعماقنا إيمان جديد وحياة جديدة.AM 131.3

    أعلن أيوب الأمين في يوم بليته المظلم قائلاً: ”ليته هلك اليوم الذي ولدت فيه“. ”ليت كربي وزن ومصيبتي رفعت في الموازين جميعها“. ”يا ليت طلباتي تأتي ويعطيني الله رجائي أن يرضى الله بأن يسحقني ويطلق يده قيقطعني فلا تزال تعزيتي“. ”أنا أيضاً لا أمنع فمي أتكلّم بضيق روحي أشكو بمرارة نفسي“. ”فاختارت نفسي .. الموت على عظامي هذه. قد ذبت لا إلى الأبد حياً. كف عني لأن أيامي نفخة“ (أيوب 3 : 3، 6 : 2، 8-10، 7 : 11، 15، 16).AM 132.1

    ولكن مع أن أيوب كان ضجراً من الحياة لم يسمح له بأن يموت. فقد كُشف له عن إمكانات المستقبل وقدّمت له رسالة الرجاء:AM 132.2

    ”وتكون ثابتاً ولا تخاف. لأنك تنسى المشقة كمياه عبرت تذكرها. وفوق الظهيرة يقوم حظك. الظلام يتحول صباحاً. وتطمئن لأنه يوجد رجاء .. وتضطجع آمناً. وتربض وليس من يزعج ويتضرع إلى وجهك كثيرون. أما عيون الأشرار فتتلف ومناصبهم يبيد ورجاؤهم تسليم النفس“ (أيوب 11 : 16 — 20).AM 132.3

    ارتفع أيوب من حضيض الوهن واليأس إلى قمة الثقة التامة في رحمة الله وقوته المخلّصة. وأعلن يقول بلهجة الإنتصار: ”هوذا يقتلني. لا أنتظر شيئاً (أتكل عليه). فهذا يعود إلى خلاصي..“ ”أما أنا فقد علمت أن وليي حي والآخر على الأرض يقوم ويعد أن يفنى جلدي هذا وبدون جسدي أرى الله. الذي أراه أنا لنفسي وعيناي تنظران وليس آخر..“ (أيوب 13 : 15 — 16، 19 : 25 — 27).AM 132.4

    ”فأجاب الرب أيوب من العاصفة“ (أيوب 28 : 1)، وأعلن لخادمه قوة سلطانه. وعندما رأى أيوب لمحة من خالقه رفض نفسه وندم في التراب والرماد. وحينئذ استطاع الرب أن يباركه بركة غزيرة وأن يجعل سنواته الأخيرة أفضل سنّي حياته.AM 133.1

    الرجاء والشجاعة لازمان وجوهريان لتقديم خدمة كاملة لله. وهذان هما من ثمار الإيمان. اليأس خطيئة وهو غير معقول. الله يقدر ويريد ”أكثر كثيراً“ (عبرانيين 6 : 17) أن يمنح لعبيده القوة التي يحتاجونها لأجل الامتحان والتجربة. قد تبدو مؤامرات أعداء عمله بأنها رسمت جيداً وثبتت بقوة ولكن الله يستطيع أن يبطل أقوى المؤامرات. وهذا ما يفعله في وقته الملائم وبطريقته الفعالة عندما يرى أن إيمان عبيده قد امتحن بما فيه الكفاية.AM 133.2

    للخائري العزائم والضعاف القلوب يوجد علاج أكيد — الإيمان والصلاة والعمل. فالإيمان والنشاط يمنحان اليقين والرضا ويتزايدان يوماً بعد يوم. فهل أنت مجرب وتكاد تستسلم للتوجش والجزع واليأس التام. فحتى في أحلك الأيام عندما تدل كل الظواهر على انعدام الأمل، لا تخشى شيئاً. بل ليكن لك إيمان بالله. إنه يعرف حاجتك وله كل سلطان. ومحبته وحنانه السرمديان لا يكلّان قط. لا تخش أن يفشل في إتمام وعده، فهو الحق السرمدي. لا يمكن أن ينكث عهده الذي قد أبرمه مع محبّيه. وسيمنح عبيده الأمناء قدراً من الطاقة والفاعلية يكفي لتلبية حاجاتهم. وقد شهد الرسول بولس قائلاً: ”فقال لي تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تكمل .. لذلك أسر بالضعفات والشتائم والضرورات والضيقات لأجل المسيح. لأني حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوي“ (2 كورنثوس 12: 9، 10).AM 133.3

    فهل نسي الله إيليا في ساعة تجربته؟ كلا أبداً! فمحبته لخدمه عندما أحسّ إيليا بأن الله والناس قد تركوه، لم تكن أقل منها عندما نزلت نار من السماء وأنارت أعالي الجبل إجابة لصلاته. والآن عندما نام إيليا استيقظ على أثر لمسة رقيقة وصوت جميل سمعه فنهض مرتعباً وكأنما كان يحاول الهرب إذ كان يخشى أن يكون الأعداء قد اكتشفوا مكانه. ولكن الوجه المشفق الذي كان منحنياً فوقه لم يكن وجه عدو بل وجه صديق. لقد أرسل الله إلى خادمه ملاكاً من السماء يحمل له طعاماً. قال له الملاك: ”قم وكل. فتطلّع وإذا كعكة رضف وكوز ماء عند رأسه“ (1 ملوك 19 : 5، 6).AM 134.1

    فبعدما تناول إيليا من هذه المؤونة المعدة له عاد ونام. فجاءه الملاك مرة ثانية. وإذ لمس وهو خائر القوى قال له برقة وعطف: ”قم وكل لأن المسافة كثيرة عليك. فقام وأكل وشرب وسار بقوة تلك الأكلة أربعين نهاراً وأربعين ليلة إلى جبل الله حوريب“ (1 ملوك 19 : 7، 8) حيث وجد هناك ملاذاً في مغارة.AM 134.2

    * * * * *

    Larger font
    Smaller font
    Copy
    Print
    Contents