Loading...
Larger font
Smaller font
Copy
Print
Contents
قِصَّة الفداء - Contents
  • Results
  • Related
  • Featured
No results found for: "".
  • Weighted Relevancy
  • Content Sequence
  • Relevancy
  • Earliest First
  • Latest First
    Larger font
    Smaller font
    Copy
    Print
    Contents

    ١ - سقوط لوسيفر

    في السماء كان لوسيفر ملاكًا ساميًا ورفيعًا قبل تمرِّده. وكان يأتي في المرتبة الثانية مِن ناحية الكرامة بعد ابن الله الحبيب. وكانت ملامحه توحي بالوداعة وتعبِّر عن السعادة، كما كانت كذلك حال غيره مِن الملائكة. لقد كان جبينه عاليًا وجبهته عريضة، ممَّا دلَّ على قوى عقل جبَّار. وكان تكوينُه كاملًا وسلوكُه نبيلًا مهيبًا. وكان يُشرق مِن مُحيَّاه نورٌ مميَّزٌ ينير حوله على نحو يفوق في تألُّقه وجماله النورَ المُشِعَّ حول بقيَّة الملائكة؛ لكنَّ المسيح، ابن الله الحبيب، كان يفوق ببهائه كلَّ حشود الملائكة. لقد كان واحدًا مع الآب قبل أنْ تُخلَق الملائكة. كان لوسيفر يحسد المسيحَ، ورويدًا رويدًا ادَّعى لنفسه السلطان الذي كان للمسيح وحده. SRAr 13.1

    استدعى الخالق العظيم أجناد السماء لِيَمْنَح ابنه كرامة خاصَّة في حضور جميع الملائكة. وقد أجلِسَ الابن على العرش مع الآب، واجتمعت حولهما حشود الملائكة القدِّيسين. ثمَّ أعلن الآبُ أنَّه قد قضى بنفسه أنْ يكون المسيح، ابنه، مُعادِلًا له؛ وعلى ذلك فأينما كان حضور ابنه، فإنَّ ذلك يكون مِثلَ حضوره هو شخصيًّا. وقد توجَّب إطاعة كلمة الابن، تمامًا كما لو كانت هي كلمة الآب عينها. وفوَّض لابنه سُلطة خوَّلته قيادة أجناد السماء. وكان على الابن أنْ يعمل متَّحدًا مع الآب بشكل خاصّ في الخلق المرتقب للأرض ولكلِّ كائن حيٍّ سيوجد عليها. وتوجَّب على الابن أنْ يعمل إرادة الآب ومقاصده، ولكنَّه لن يقوم بشيء مُنفردًا مِن ذاته. فإرادة الآب ستتمُّ فيه.SRAr 13.2

    كان لوسيفر يحسد يسوع المسيح ويغار منه. ومع ذلك، فعندما انحنت الملائكة أمام المسيح اعترافًا بتفوُّقه وسلطته العُليا وصواب حُكمِه، انحنى هو معهم؛ لكنَّ قلبه كان مليئًا بالحسد والكراهيَّة. ثمَّ دُعِي المسيح ليكون شريكًا في مشورة الله الخاصَّة فيما يتعلّق بخططه، بينما لم يكن لوسيفر على دراية بها. إنَّه لم يفهم مقاصد الله، ولم يُسمَح له بأنْ يعرفها، إلَّا أنَّ المسيح كان السيَّد الذي اعترفت به السماء، وكان واحداً في القدرة والسلطان مع الله ذاته. لقد ظنَّ لوسيفر أنَّه كان مُفضَّلًا على باقي ملائكة السماء. لقد كان مركزه رفيعًا، إلَّا أنَّ هذا لم يجعله يُقدِّم الحمد والتسبيح لخالقه. وكان يطمح للارتقاء إلى منزلة الله ذاته. وقد تباهى بسموِّ مركزه. وكان يعلم كيف كانت الملائكة تكرمه. لقد كان عليه تنفيذ مهِمَّة خاصَّة. كان لوسيفر قريبًا مِن حضرة الخالق العظيم، وكانت أشعَّة المجد الخالدة التي تغمر الإله السرمديَّ تُشرِقُ عليه. وقد فكَّر كيف أنَّ الملائكة كانوا على أهبة الاستعداد لكي يُطيعوا أوامره بهمَّة وبكلِّ سرور. ألم تكن ثيابه مُضيئة وجميلة؟ فلماذا يُكرَّم المسيح أكثر منه؟SRAr 14.1

    وهكذا ترك لوسيفر مكانه المُباشِر في حضرة الآب، وهو ساخطٌ ونفسه مملوءة حسدًا تجاه يسوع المسيح. وإذ أخفى حقيقة مقاصده، راح يجمع حشود الملائكة وطَرَحَ أمامهم قضيَّته التي كانت تدور حوله هو. لقد تحدَّث إليهم وكأنَّ الإساءة قد وقعت عليه ولحق به الضرر، وراح يحكي لهم كيف أنَّ الله أهمله مُفضِّلًا يسوع عليه. كما أخبرهم أنَّه مِن الآن فصاعدًا قد ولَّت كلُّ تلك الحُرِّيَّة الجميلة التي كان يتمتَّع بها الملائكة. ألم يتسلّط عليهم حاكمٌ قد أخضعهم فراحوا يقدِّمون له فروض الولاء والطاعة؟ قال لوسيفر لهم أنَّه جَمعهم معًا لِيُؤكِّد أمامهم بأنَّه لن يخضع لهذا التعدِّي على حقوقه وحقوقهم ولن يسجد للمسيح ثانية؛ بل سينتزع بنفسه الكرامة التي كان يجب أنْ تُمنَح له، وسيكون القائد لكلِّ مَن سيخضع ويتبعه ويطيع أوامره.SRAr 14.2

    نشب انقسامٌ حادٌّ بين الملائكة. وسعى لوسيفر والمُتعاطفون معه بكلِّ جهد لإعادة ترتيب حُكم الله. لقد كانوا غير قانعين وتُعساء لأنَّهم لم يقدروا أنْ يطَّلعوا على حكمته الخفيَّة ويتأكَّدوا مِن مقاصد الله الكامنة التي دفعته لأنْ يمجِّد المسيحَ ابنَه ويمنحه قوَّة وسُلطة غير محدودتَين. وهذا دفعهم لأنْ يتمرَّدوا على سُلطة الابن.SRAr 15.1

    حاول الملائكة المُخلِصون استرداد ذلك الملاك القويَّ المُتمرِّد بحيث يكون على وفاق مع إرادة خالقه. لقد برَّروا ما فعله الله في منح الكرامة للمسيح، وبحجج قويَّة سعوا لإقناع لوسيفر بأنَّه ليس أقلَّ كرامة الآن مِمَّا كان عليه قبْلَ أنْ يعلن الله عن الكرامة التي أغدقها على المسيح ابنه. لقد أوضحوا بجلاء أنَّ المسيح هو ابن الله، وأنَّه كان موجودًا معه قبل أنْ تُخلَق الملائكة؛ ولطالما كان يقف عن يمين الآب، وسُلطته المُحِبَّة والرحيمة لم تكن أبدًا محلَّ شكٍّ أو جِدال؛ وأنَّه لم يُصدِر أمرًا قطُّ إلَّا واستقبلته أجناد السماء بكلِّ فرح وراحت تعمل على تنفيذه. لقد أكَّدوا بأنَّ الكرامة الخاصَّة التي منحها الآب للمسيح، في حضور الملائكة، لم تُنقِص مِن الكرامة التي مُنِحَت للوسيفر حتَّى ذلك الوقت. بكى الملائكة. لقد حاولوا بكلِّ إخلاص إقناعه بأنْ يتخلَّى عن مُخطَّطه الشرِّير وبأنْ يخضع لخالِقهم؛ فكلُّ ما كان في السماء حتَّى تلك اللحظة كان السلام والانسجام، ولكنْ ما الذي يُمكن أنْ يُسبِّبه صوت التمرُّد والشقاق هذا؟SRAr 15.2

    رفض لوسيفر الإصغاء، ثمَّ استدار مبتعدًا عن الملائكة الأمناء واتَّهمهم بأنَّهم عبيد. وقف هؤلاء الملائكة الأوفياء لله في دهشة وهم ينظرون كيف كان لوسيفر ينجح في إثارة التمرُّد. لقد وعدهم بِحُكمٍ جديد وأفضل ممَّا كان لديهم، وعدهم بحكم يضمن للجميع حرِّيَّة مطلقة. وقد عبَّرت أعداد كبيرة مِن الملائكة عن نيَّتها في قبوله قائدًا وزعيمًا عليهم. وإذ رأى أنَّ جهوده قوبِلت بالنجاح، صار يُمنِّي نفسه بأنَّه قريبًا سوف يضمُّ جميع الملائكة إلى جانبه، وأنَّه سيصير مُعادِلًا لله ذاته، وسيسمَع جميع جُند السماء صوت سُلطانه الآمِر. وقد حذَّره الملائكة الأوفياء مرَّة أخرى، وأكَّدوا له النتائج المحتومة في حال أصرَّ على موقفه؛ فالقادر على أنْ يخلق الملائكة يستطيع بقوَّته أنْ يُفني كلَّ سلطانهم، وبإشارة واحدة يقدر أنْ يُعاقِب وقاحتهم وتمرُّدهم الرهيب. إنَّ التفكير في احتمال أنْ يقاوم أحد الملائكة شريعة الله المُقدَّسة كذاته هو أمر غريب! أنذر الملائكة الأمناء إخوتَهم المتمردِّين لِكي يصمُّوا آذانهم عن الاستماع لحجج لوسيفر الخادِعة، ونصحوه وجميعَ مَن وقعوا تحت تأثيره بأنْ يطلبوا الله ويعترفوا له بخطئهم لِمُجرَّد سماحهم بفكرة واحدة تشكّك في سُلطانه.SRAr 16.1

    أراد الكثيرون مِن المُتعاطفين مع لوسيفر أنْ يعملوا بمشورة الملائكة الأوفياء ويتوبوا عن عدم رضاهم وينالوا ثقة الآب وابنه الحبيب مرَّة أخرى. حينئذ أعلن الثائر القويُّ بأنَّه خبير عليم بشريعة الله، وأنَّه إذا قَبِل الخضوع لطاعة الذلِّ فإنَّ كرامته ستُنزَع عنه ولن يعود محلَّ ثقة تؤهِّله لأنْ يتولَّى مسؤوليَّاته الرفيعة. قال لتابعيه بأنَّهم قد تورَّطوا معه وذهبوا أشواطًا بعيدة بحيث بات يصعب عليهم الرجوع، وسوف يتحمَّل العواقب، فهو لن يسجد ويُقدِّم عبادة الذلِّ لابن الله؛ وهذا ما لن يغفره الله، والآن عليهم أنْ يطالبوا بحرِّيتهم ويحصلوا بالقوَّة على المنصب والسُّلطة التي لم تُمنَح لهم عن طيب خاطِر. وهكذا «كان أنَّ لوسيفر ‹حامل النور› والمغمور بمجد الله والمُلازم لعرشه أصبح، بعصيانه، شيطانًا أو (خصمًا)” (الآباء والأنبياء، صفحة ٢٠). SRAr 16.2

    هرع الأمناء مِن الملائكة إلى ابن الله ليُخبروه بما كان يحدث بين جموع الملائكة. وجدوا الآب في جلسة تشاور مع ابنه الحبيب لتحديد وسائل قمع السُّلطة المزعومة التي خلعها الشيطان على نفسه وفي نفس الوقت ضمان الخير الأصلح للملائكة الأوفياء. كان في مقدور الله العظيم أنْ يطرح على الفور ذلك المُخادِع الكبير إلى خارج السماء؛ لكنَّ هذا لم يكن قصده. أراد أنْ يمنح المُتمرِّدين فُرصة مُتساوية لاختبار قوَّتهم وبأسهم ضدَّ ابن الله وملائكته الأمناء. وكان على كلِّ ملاك في هذه المعركة أنْ يختار الفريق الذي ينضمُّ إليه لكي يراه الجميع. لم يكن مِن الأمان السماح للملائكة الذين انضمُّوا إلى الشيطان في عصيانه أنْ يظلُّوا مُقيمين في السماء. فقد تعلَّموا درس العصيان على شريعة الله الثابتة التي لا تتغيَّر، وهذا مرضٌ لا شِفاء منه. لو أنَّ الله كان قد لجأ إلى قوَّته لِمُعاقبة ذلك المُتمرِّد الكبير، لما كان بالإمكان كشف الملائكة الساخطين؛ لذلك اتَّخذ الله مسلكًا آخر لأنَّه أراد أنْ يكشف لكلِّ جُند السماء عدالته وحُكمه بكلِّ جلاء ووضوح.SRAr 17.1

    Larger font
    Smaller font
    Copy
    Print
    Contents