Loading...
Larger font
Smaller font
Copy
Print
Contents
الاباء والانبياء - Contents
  • Results
  • Related
  • Featured
No results found for: "".
  • Weighted Relevancy
  • Content Sequence
  • Relevancy
  • Earliest First
  • Latest First
    Larger font
    Smaller font
    Copy
    Print
    Contents

    الفصل الثامن عشر—ليلة الصراع

    --------------------

    مع أن يعقوب كان قد ترك فدان آرام إطاعة لأمر الله فقد سار في الطريق الذي كان قد سلكه منذ عشرين عاما ، والشكوك والمخاوف تساوره من كل جانب . إن خطيته التي ارتكبها بخداعه لأبيه كانت ماثلة أمام عينيه على الدوام ، وأدرك أن اغترابه الطويل كان هو النتيجة المباشرة لتلك الخطية ، فجعل يفكر في هذه الأمور نهارا وليلا ، حتى أن تبكيت ضميره المشتكي جعل سفرته كاسفة وحزينة . وعندما ظهرت أمامه تلال وطنه من بعد تأثر قلب ذلك القديس الشيخ تأثرا عميقا ، وظهر أمامه الماضي واضحا ، وصحب ذكرى خطيته تفكيره في فضل الرب عليه ووعوده إياه بالمعونة والإرشاد .AA 167.1

    وإذ قاربت رحلته من نهايتها أثار تفكيره في عيسو كثيرا من التوجس المضطرب في نفسه ، فبعد هروب يعقوب اعتبر عيسو نفسه الوارث الوحيد لأملاك أبيه ، ولهذا فإن أخبار عودة يعقوب أثارت في نفسه الخوف من أنه آتٍ ليأخذ نصيبه من الميراث ، وفي تلك الآونة كان عيسو قادرا أن يوقع بيعقوب أضرارا جسيمة لو أراد ، وكان يمكنه أن يعمد إلى العنف ، وهو في ذلك لن يكون مدفوعا فقط بدافع الثأر لنفسه ، بل أيضا لكي يستحوذ ، وهو مطمئن ، على الثروة التي ظل يعتبرها أمدا طويلا ملكه الخاص .AA 167.2

    ومرة أخرى أعطى الرب يعقوب دليلا على رعايته الإلهية ، فإذ كان يتجه نحو الجنوب في سفره من جبل جلعاد بدا كأن جيشين من ملائكة السماء يعسكران حوله من خلف ومن قدام ويسيران مع تلك الجماعة التي كان هو على رأسها للحماية والحراسة ، وذكر يعقوب الرؤيا التي كان قد رآها في بيت إيل مند سنين طويلة فزايلته بعض الهموم التي أثقلت قلبه حين ظهر أمامه ذلك البرهان وهو أن الملائكة السماويين الذين أتوه بالرجاء والشجاعة عند هروبه من كنعان سيكونون حراسا له في عودته ، فقال : ”هذا جيش الله ! . فدعا اسم ذلك المكان “محنايم( ) (أنظر تكوين 32) .AA 167.3

    ومع ذلك فقد أحس يعقوب بأن عليه أن يفعل شيئا لكي يحصل على السلامة والطمأنينة ، ولذلك أرسل رسلا بتحية سلمية إلى أخيه ، وعلمهم الكلمات التي كان عليهم أن يخاطبوا بها عيسو بلا زيادة ولا نقصان . لقد قال الرب قبل ولادتهما أن الكبير سيخدم الصغير ، فحتى لا تكون ذكرى هذه النبوة سببا في المرارة علّم يعقوب عبيده أن يقولوا إنهم مرسلون إلى ( سيّدي عيسو ) حين يمثلون أمامه ، وحين يشيرون إلى سيدهم يجب أن يقولوا أنهم آتون من قبل ( عبدك يعقوب ) وأن يحاولوا أن ينزعوا من قلبه الخوف من أن يعقوب عائد كجوال معدم ليطلب نصيبه من ميراث أبيه ، وقد حرص على أن يقول في رسالته : ( وقد صار لي بقر وحمير وغنم وعبيد وإماء . وأرسلت لأخبر سيّدي لكي أجد نعمة في عينيك ) .AA 168.1

    غير أن الرسل رجعوا إلى يعقوب قائلين إن عيسو قادم إليك وأربع مئة رجل معه ، ولم يتلق يعقوب ردا على رسالة المحبة التي بعث بها إليه ، فتأكد لديه أن عيسو قادم ليثأر منه ، فامتلأت المحلة رعبا ، ( فخاف يعقوب جدّا وضاق به الأمر ) إنه لم يكن في استطاعته العودة ، كما أنه كان خائفا من التقدم في سيره ، ورجاله العزل الذين لم تكن لديهم وسيلة للدفاع لم يكونوا مستعدين لمواجهة هجوم معاد ، ولذلك قسمهم يعقوب إلى جيشين ، حتى إذا جاء عيسو إلى الجيش الواحد وضربه تكون لدى الجيش الباقى فرصة للهروب ، ثم أرسل من قطعانه الكثيرة هدايا سخية إلى عيسو مصحوبة برسالة ود ، لقد بذل أقصى جهده للتكفير عن ظلمه لأخيه ، وليبعد الخطر الذي كان يتهددهم ، وفي تذلل وتوبة صلى طالبا حماية السماء قائلا : وأنت قلت لي : ( ارجع إلى أرضك وإلى عشيرتك فأحسن إليك . صغير أنا عن جميع ألطافك وجميع الأمانة الّتي صنعت إلى عبدك . فإنّي بعصاي عبرت هذا الأردنّ ، والآن قد صرت جيشين . نجّني من يد أخي ، من يد عيسو ، لأنّي خائف منه أن يأتي ويضربني الأمّ مع البنين ) .AA 168.2

    كانوا قد وصلوا إلى نهر يبوق وإذ أقبل الليل عبر يعقوب عائلته مخاضة النهر ، أما هو فتخلف وحده ، إذ عزم على أن يقضي ليلته في الصلاة منفردا مع الله ، فقد يلين الله قلب عيسو ، وكان يعقوب قد وضع في الله كل رجائه .AA 168.3

    كانت تلك البقعة جبلية مقفرة ومأوى للوحوش ومكمنا للصوص والسفاحين ، فإذ كان يعقوب وحيدا وأعزل سجد إلى الأرض في غم شديد ، كان الوقت منتصف الليل ، وكل الذين حببوا له الحياة كانوا على مسافة منه ، معرضين لخطر الموت ، وأقسى جرعة في كأس أحزانه هو الفكر بأن خطيته هي التي عرضت أولاده الأبرياء للخطر ، فبصرخات حارة ودموع قدم صلاته لله ، وفجأة وضعت عليه يد قوية ، فظن أن عدوا يحاول اغتياله فحاول الإفلات من قبضة مهاجمه ، وفي الظلام تصارع ذانك الرجلان ، وكل منهما يريد أن يكون هو الغالب ، لم تسمع كلمة ، ولكن يعقوب استجمع كل قوته ولم تضعف محاولاته لحظة واحدة ، وإذ كان يصارع دفاعا عن نفسه ضغط نفسه شعوره بذنبه ، واصطفت خطاياه أمامه لتباعد بينه وبين الله ، ولكنه في حاجته القصوى ومحنته الرهيبة ذكر مواعيد الله ، فبكل قلبه توسل إلى الله في طلب الرحمة ، وقد ظل الصراع ناشبا بينهما إلى قرب الفجر ، وإذا بذلك الغريب يضع اصبعه على حق فخذ يعقوب فينخلع في الحال ، وهنا ميز يعقوب ذاتية خصمه ، وعلم أنه كان في صراع مع رسول سماوي ، وهذا هو السبب الذي لأجله لم ينتصر بقوته الجبارة ، لقد كان هو المسيح ( ملاك العهد ) الذي أعلن نفسه ليعقوب ، وقد صار ذلك القديس عاجزا ، وأحس بآلام مبرحة ، ومع ذلك لم يرد أن يفلت مصارعه منه ، وإذ كان غارقا في دموع التوبة والانسحاق تعلق بالملاك ، ( بكى واسترحمه ) (هوشع 12 : 4) طالبا بركة ، فلا بد أن يتأكد من أن خطاياه قد غفرت . لم تكن آلامه الجسدية كافية لتحويله عن غرضه ، بل قوي عزمه ، وظل إيمانه حارا ومثابرا إلى النهاية ، حاول الملاك الإفلات منه قائلا له : ( أطلقني ، لأنّه قد طلع الفجر ) ولكن يعقوب أجابه قائلا : ( لا أطلقك إن لم تباركني ) لو كانت هذه ثقة متفاخرة جريئة لكان يعقوب قد هلك في الحال ، ولكنها كانت ثقة اليقين المعترف بعدم استحقاقه ، ومع ذلك يثق بأمانة الله ، حافظ العهد !AA 169.1

    إن يعقوب ( جاهد مع الملاك وغلب ) فبالتذلل والتوبة وتسليم النفس غلب هذا الإنسان الخاطئ الضعيف في جهاده مع ملك السماء لقد تمسك بكل قبضته المرتعشة بمواعيد الله ، ولذلك لم تستطع المحبة غير المحدودة أن تحول أذنيها عن سماع توسلات ذلك الخاطئ .AA 169.2

    إن خطأ يعقوب الذي قاده إلى ارتكاب الخطية في حصوله على البكورية عن طريق الخداع ظهر واضحا أمامه . في ذلك الحين لم يصدق مواعيد الله ، ولكنه حاول بمساعيه أن يحقق لنفسه ما كان الله يريد أن يتممه له في وقته وبطريقته الخاصة . وبرهانا على أن خطيته قد غفرت تغير الاسم الذي كان يذكره بخطيته إلى اسم يذكره بنصرته ، إذ قال له الملاك : ( لا يدعى اسمك في ما بعد يعقوب بل إسرائيل ، لأنّك جاهدت مع الله والنّاس وقدرت ) (تكوين 32 : 28) . AA 170.1

    ها قد نال يعقوب البركة التي كان يتوق إليها ، لقد غفرت له خطيته كمتعقب ومخادع ، ومرت الأزمة من حياته بسلام . كان الارتباك والندامة يمرران حياته قبلا ، أما الآن فقد تبدل كل شيء ، وحصل على سلام المصالحة الحلوة مع الله ، ولم يعد يخشى الآن من لقائه مع أخيه ، فإذ الذي غفر له يمكنه أن يحرك قلب أخيه عيسو أيضا ليقبل تذلله وتوبته .AA 170.2

    وفيما كان يعقوب مشتبكا في الصراع مع الملاك أرسل رسول سماوي آخر إلى عيسو ، فرأى عيسو يعقوب أخاه في حلم متغربا عن بيت أبيه عشرين سنة وشاهد حزنه حين وجد أن أمه قد ماتت . ورأى جيوش الله تعسكر من حوله ، وقص عيسو هذا الحلم على جنوده ، وأوصاهم ألا يوقعوا على يعقوب أي أذى لأن إله أبيه معه .AA 170.3

    أخيرا اقترب الفريقان من بعضهما ، وسيد البرية على رأس رجاله ، ويعقوب مع زوجتيه وأولاده يواكبهم الرعاة والجواري ، ويتبع هؤلاء صف طويل من الغنم والبقر ، فتوكأ القديس على عصاه وتقدم ليقابل فرقة الجنود ، كان شاحب الوجه وواهن القوى من أثر الصراع الذي وقع منذ عهد قريب ، فسار متمهلا وهو يحس بآلام ويخمع عند كل خطوة ، إلا أن نور الفرح والسلام كان يشع من وجهه .AA 170.4

    عندما رأى عيسو ذلك الرجل الأعرج المتألم ( ركض ... للقائه وعانقه ووقع على عنقه وقبّله ، وبكيا ) (تكوين 33 : 4) فأمام هذا المنظر تأثرت حتى قلوب رجال عيسو القساة ، ومع أنه كان قد قص عليهم حلمه إلا أنهم لم يستطيعوا تعليل ذلك التغيير الذي طرأ على زعيمهم ، ومع أنهم شاهدوا ضعف يعقوب وعجزه فإنهم لم يكونوا يدركون أن ضعفه هذا صار له قوة .AA 170.5

    في ليلة الضيق تلك التي قضاها يعقوب عند يبوق حين رأى كأن الهلاك قريب منه جدا تعلم يعقوب أن معونة الإنسان باطلة ، وأن الثقة بالقوة البشرية هي ثقة لا أساس لها ، ورأى أن المعونة لا بد أن تأتيه من ذاك الذي أخطأ هو في حقه خطأ شنيعا ، وإذ أحس بعجزه وعدم استحقاقه توسل إلى الله في طلب الرحمة التي وعد أن يمنحها للخطاة التائبين ، فذلك الوعد أكد له أن الله سيغفر له ويقبله ، إن زوال السماء والأرض أيسر من أن تسقط كلمة الله ، وهذا ما سنده في ذلك الصراع الهائل .AA 171.1

    إن اختبار يعقوب في ليلة الصراع والآلام تلك يصور لنا تلك التجربة التي سيجوز فيها شعب الله قبيل مجيء المسيح ثانية ، قال النبي إرميا بعد ما رأى رؤيا مقدسة خاصة بأيامنا هذه : ( صوت ارتعادٍ سمعنا . خوف ولا سلام ... تحوّل كلّ وجهٍ إلى صفرةٍ ؟ آه ! لأنّ ذلك اليوم عظيم وليس مثله . وهو وقت ضيق على يعقوب ، ولكنّه سيخلّص منه ) (إرميا 30 : 5 - 7) .AA 171.2

    حين يكف المسيح عن القيام بعمله كشفيع ووسيط عن الإنسان ، حينئذ تبدأ أيام الضيق هذه ، ويحكم في قضية كل نفس ، ولن يكون هنالك دم كفاري ليطهر من الخطية ، وإذ يترك المسيح مركزه شفيعا عن الإنسان أمام الله ، حينئذ يصدر الإعلان الخطير : ( من يظلم فليظلم بعد . ومن هو نجس فليتنجّس بعد . ومن هو بارّ فليتبرّر بعد . ومن هو مقدّس فليتقدّس بعد ) (رؤيا 22 : 11) عندئذ يؤخذ من الأرض روح الله الذي يحجز ، وكما هدد عيسو الغاضب أخاه يعقوب بالموت فكذلك سيكون شعب الله في خطر من الأشرار الطالبين هلاكهم ، وكما صارع ذلك القديس ليلة كاملة في الصلاة للنجاة من يد عيسو فكذلك سيصرخ الأبرار إلى الله ليلا ونهارا للنجاة من الأعداء المحيطين بهم .AA 171.3

    كان الشيطان قد اشتكى على يعقوب أمام ملائكة الله مدعيا لنفسه الحق في إهلاكه بسبب خطيته ، وقد أثار عليه عيسو حتى يقوم لمحاربته ، وطيلة تلك الليلة التي قضاها يعقوب في الصراع حاول الشيطان أن يقحم على نفسه شعورا بجرمه ، ليثبط عزيمته ويرخي يديه حتى لا يتمسك بالله ، فلما تمسك يعقوب بالملاك وهو في حالة الضيق والحزن متوسلا إليه بدموع إذا برسول السماء يذكره بخطيته لكي يختبر إيمانه ، ثم يحاول الإفلات منه ، ولكن يعقوب أبى أن يعود خائبا ، لقد تعلم أن الله رحيم فألقى بنفسه على رحمته ، فلقد أشار إلى توبته الماضية عن خطيته وتوسل في طلب النجاة ، وإذ عاد بالذكرى إلى حياته الماضية كاد ذلك يسوقه إلى اليأس ، ولكنه أمسك بالملاك ، وبصرخاته الحارة من نفسه المعذبة ألح في طلبه حتى انتصر .AA 171.4

    هكذا سيكون اختبار شعب الله في صراعهم الآخر مع قوات الشر ، إذ سيمتحن الله إيمانهم ومثابرتهم وثقتهم بقدرته على تخليصهم ، وسيحاول الشيطان أن يخيفهم بالفكرة أنهم صاروا في حالة ميؤوس منها ، وأن خطاياهم أكثر وأثقل من أن تغفر ، وسيكون عندهم شعور عميق بتقصيراتهم ، وإذ يراجعون تاريخ حياتهم تتلاشى آمالهم ، ولكنهم إذ يذكرون عظمة الرحمة الإلهية وأنهم مخلصون في توبتهم فسيتوسلون طالبين إنجاز وعده المقدم في المسيح للخطاة العاجزين التائبين ، إن إيمانهم لن يضعف لكونهم لم يحصلوا على إجابة سريعة لصلواتهم ، بل سيتمسكون بقدرة الله كما أمسك يعقوب بالملاك ، ولسان حالهم يقول : ( لا أطلقك إن لم تباركني) .AA 172.1

    لو لم يكن يعقوب قد تاب حقا عن خطيته إذ حصل على البكورية بالخداع لما سمع الله صلاته ولا حفظ برحمته حياته ، وهكذا في وقت الضيق إذا لم يعترف شعب الله بخطاياهم التي تظهر أمامهم حين يكتنفهم الخوف والعذاب فلا بد من أن تغمرهم المتاعب ويقضي اليأس على إيمانهم ، ولن تكون عندهم ثقة بأن يتوسلوا إلى الله في طلب النجاة ، ولكن متى أحسوا بعدم استحقاقهم فلن تكون هنالك أخطاء مستترة ليعترفوا بها ، فكل خطاياهم ستكون قد محيت بدم المسيح المكفر ، ولن يستطيعوا أن يذكروها .AA 172.2

    إن الشيطان يحاول أن يقنع الناس بأن الله سيغضي عن خيانتهم في شؤون الحياة الصغيرة ، ولكن الله يرينا في معاملاته ليعقوب أنه لا يمكن أن يبيح الشر أو يسكت عنه ، فكل من يلتمسون الأعذار لخطاياهم أو التستر عليها ويتركونها مسجلة عليهم في أسفار السماء دون اعتراف أو غفران فسيغلبهم الشيطان ، وبقدر ما يسمو إقرارهم العلني ومراكزهم بقدر ما يكون مسلكهم محزنا ومغيظا لله وبقدر ما يكون انتصار العدو عليهم عظيما ومؤكدا .AA 172.3

    ومع ذلك فإن تاريخ يعقوب يؤكد لنا أن الله لن يرذل الذين خدعتهم الخطية ، ومن ثم رجعوا إلى الله بتوبة صادقة . إن يعقوب بتسليمه نفسه لله وبإيمانه الواثق به فاز بما فشل في الحصول عليه بالمحاربة بقوته الذاتية ، وهكذا علم الله عبده أن قوته ونعمته وحدهما تستطيعان منحه البركة التي يشتهيها ، وكذلك هي الحال مع من يعيشون في الأيام الأخيرة ، فإذ تكتنفهم المخاطر ويقبض اليأس على أرواحهم ينبغي لهم أن يتكلوا بالتمام على استحقاقات الكفارة ، إننا لن نستطيع عمل شيء بأنفسنا ، ففي كل عجزنا وعدم استحقاقنا علينا أن نعتمد على استحقاقات المخلص المصلوب والمقام ، ولن يهلك أحد يفعل هذا . إن القائمة الطويلة السوداء المسجل فيها كل أخطائنا وتقصيراتنا هي أمام عيني الله غير المحدود . هذا السجل كامل ، ولم تنس خطية واحدة ، ولكن ذاك الذي سمع صراخ عبده في القديم سيسمع صلاة الإيمان ويغفر خطايانا وتحديدنا . لقد وعد وسيفي بما وعد .AA 172.4

    لقد غلب يعقوب لأنه كان مثابرا على ما عقد العزم عليه ، واختباره يشهد لقوة الصلاة اللجوجة . وعلينا الآن أن نتعلم هذا الدرس درس الصلاة الغالبة صلاة الإيمان الذي لا يتراجع ، إن أعظم الانتصارات التي تحرزها كنيسة المسيح أو أي فرد مسيحي ليست هي التي تنال بالمواهب أو التهذيب أو الثروة أو رضى الناس ، ولكنها الانتصارات التي تنال في محضر الله حين يمسك الإيمان الغيور المتألم بذراع الله القدير .AA 173.1

    أما أولئك الذين لا يرغبون في ترك كل خطية أو طلب بركة الله بكل غيرة فلن ينالوها ، وأما كل من يتمسكون بوعد الله كما فعل يعقوب ويثابرون في غيرة كما فعل هو فسينجحون كما نجح ، ( أفلا ينصف الله مختاريه ، الصّارخين إليه نهارا وليلا ، وهو متمهّل عليهم ؟ أقول لكم : إنّه ينصفهم سريعا ! ) (لوقا 18 : 7 ، 8) .AA 173.2

    * * * * *

    Larger font
    Smaller font
    Copy
    Print
    Contents