Loading...
Larger font
Smaller font
Copy
Print
Contents
مشتهى الأجيال - Contents
  • Results
  • Related
  • Featured
No results found for: "".
  • Weighted Relevancy
  • Content Sequence
  • Relevancy
  • Earliest First
  • Latest First
    Larger font
    Smaller font
    Copy
    Print
    Contents

    “إني بريء من دم هذا البار”

    اقترح بيلاطس مرة أخرى أن يطلق المخلص: “ولكن اليهود كانوا يصرخون قائلين: إن أطلقت هذا فلست محباً للقيصر” (يوحنا 19 : 12). وهكذا كان أولئك المنافقون يتظاهرون بغيرتهم على سلطان القيصر . لقد كان اليهود ألد أعداء الحكم الروماني ، وكانوا قساة في عدائهم . وعندما لم يكن هنالك خطر عليهم من إرغام الرومان على إجابة مطاليبهم القومية والدينية كانوا يفعلون ذلك بكل استبداد وطغيان . ولكن عندما كانوا يريدون تحقيق غرض ينطوي على القسوة كانوا يمجدون سلطان القيصر . فلكي يتحقق لهم إهلاك المسيح أعلنوا ولاءهم للحكم الأجنبي الذي كانوا يمقتونه.ML 699.4

    وقد عادوا يصيحون قائلين: “كا من يجعل نفسه ملكاً يقاوم قيصر!” (يوحنا 19 : 12). لمس هذا القول نقطة الضعف في بيلاطس . فلقد كادت الحكومة الرومانية تشك فيه ، وكان هو يعرف أن مثل تلك الشكوى فيها القضاء عليه ، كما كان يعرف أنه لو أحبطت أغراض اليهود ولم يجابوا إلى طلبهم فسينقلبون ضده ولن يتركوا وسيلة للانتقام منه . وها هو يرى أمامه مثالا لإصرارهم الذي به طلبوا القضاء على ذاك الذي أبغضوه بلا سبب.ML 700.1

    حينئذ جلس بيلاطس على كرسي الولاية وقدم يسوع لليهود مرة أخرى قائلا: “هوذا ملككم!” ومرة أخرى صرخوا صرختهم المجنونة قائلين: “خذه! خذه! اصلبه!” (يوحنا 19 : 14 و 15). فسألهم بيلاطس بصوت سمعه الجميع قائلا: “أأصلب ملككم؟” فخرجت من أفواههم النجسة المجدفة هذه الكلمات: “ليس لنا ملك إلا قيصر!” (يوحنا 19 : 15). وهكذا إذ اختارت الأمة اليهودية أن يحكم عليها ملك وثني انسحبت من تحت حكم الله . لقد رفضوا ملك الله عليهم . ومن ذلك الحين لم يكن لهم مخلص . لم يكن لهم ملك إلا قيصر. فقاد الكهنة والمعلمون الشعب إلى هذا المصير ، كما كانوا مسؤولين عن هذا وعن كل ما تلاه من عواقب مخيفة ، وهكذا تسبب الرؤساء الدينيون في جلب الخطية والهلاك على تلك الأمة.ML 700.2

    “فلما رأى بيلاطس أنه لا ينفع شيئاً، بل بالحري يحدث شغب، أخذ ماء وغسل يديه قدام الجمع قائلاً: إني بريء من دم هذا البار! أبصروا أنتم!” (متى 27 : 24). نظر بيلاطس إلى المخلص بخوف مستذنبا نفسه . ومن بين ذلك البحر الزاخر من الوجوه المتطلعة إلى فوق لم ير السلام أو الطمأنينة إلا على وجه يسوع . وبدا وكأن هالة من النور الهادئ تحيط برأسه . وقال بيلاطس في قلبه: إنه إله . وإذ التفت إلى الجمع أعلن قائلا: إني بريء من دمه . خذوه أنتم واصلبوه . ولكن اسمعوا أيها الكهنة والرؤساء إني أعلن أنه بار . فعسى أن ذاك الذي يقول هو إنه أبوه يدينكم أنتم ولا يدينني أنا على جريمة هذا اليوم . ثم التفت إلى يسوع وقال له: اغفر لي هذا الخطأ فأنا لا أستطيع إنقاذك . وبعدما جلده مرة ثانية أسلمه ليصلب.ML 700.3

    كان بيلاطس يتوق لإنقاذ يسوع ، ولكنه رأى أنه إذا أراد الاحتفاظ بمنصبه وكرامته فلن يستطيع إنقاذه . فلكي لا يخسر سلطته الدنيوية اختار التضحية بحياة شخص بريء .ما أكثر الذين يضحون بالمبدأ لكي يجنبوا أنفسهم الخسائر والآلام . إن الضمير والواجب يوجهاننا في اتجاه خاص ، أما المصلحة الذاتية فتوجهنا في اتجاه آخر . إن التيار يسرع في الاتجاه الخاطئ ، فالذي يتواطأ مع الشر ويرضى به سيجرفه التيار إلى ظلمة الإثم المخيفة.ML 701.1

    استسلم بيلاطس لمشيئة أولئك الرعاع . فبدلا من المخاطرة بمنصبه أسلم يسوع للصلب. ولكن بالرغم من كل حذره وحيطته فقد أصابه بعد ذلك نفس ما كان يخشاه . لقد جرد من كل أوسمة الشرف وهوى من ذلك المنصب الرفيع . وإذ كان يتعذب من تبكيت ضميره وكبريائه الجريحة مات منتحرا بعد صلب المسيح بقليل . وهكذا نجد أن كل من يتواطأ مع الخطية لن ينالوا سوى الحزن والألم والهلاك . “توجد طريق تظهر للإنسان مستقيمة، وعاقبتها طرق الموت” (أمثال 14 : 12).ML 701.2

    Larger font
    Smaller font
    Copy
    Print
    Contents