معركة الحق

في عمل الاصلاح كان روح الله يحث لوثر على التقدم الى الامام، وقد دفعه الى أبعد من نفسه . انه لم يكن يقصد أن يقف المواقف التي وقفها أو أن يحدث مثل تلك الانقلابات الجوهرية . انما هو كان مج رد آلة في يد القدرة غير المحدودة . ومع ذلك فقد كان يرتعد جزعا على نتيجة عمله. لقد قال مرة: ”لو علمت ان تعاليمي قد أضرت بانسان مهما كان وضيعا خامل الذكر — وهذا ما لم تفعله لان تعاليمي هي الانجيل نفسه — لكنت أفضِّل أن أموت عشر مرات على أن أرفض التراجع وانكار تعاليمي“ (١٤٤).GC 206.1

أما الآن فها هي وتنبرج نفسها التي كانت مركز الاصلاح تقع تحت سيطرة التعصب والعصيان . ومع ان هذه النتيجة المخيفة لم تكن نتيجة تعاليم لوثر إلا ان اعداءه في كل المانيا الصقوا به هذه التهمة . واحيانا كان يسأل وهو مر النفس قائلا: ”أيمكن أن تكون هذه هي خاتمة عمل الاصلاح العظيم هذا؟“ (١٤٥) . واذ كان يجاهد مع الله في الصلاة ملأ السلام قلبه من جديد فصلى قائلا: ”ان العمل ليس عملي بل هو عملك . وأنت لا تسمح لان تفسده الخرافات أو التعصب“. لكنه لم يعد يطيق البقاء حيث كان وقتا أطول بعيدا من النضال في مثل تلك الظروف المتأزمة، ولذلك عوَّل على العودة الى وتنبرج.GC 206.2

ومن دون تأخر او تردد شرع في القيام بتلك الرحلة الخطرة . كان واقعا تحت لعنة الامبراطور وكان لاعدائه ملء الحرية في أن يغتالوه، كما كان محظورا على أصدقائه أن يسدوا اليه مساعدة أو ملجأ يلوذ به. وقداتخذت حكومة الامبراطور أقسى الاجراءات ضد تابعيه . لكنّه رأى ان عمل الانجيل معرض للخطر فخرج من مخبئه بلا خوف باسم الرب ليحارب لاجل الحق.GC 206.3

وفي رسالة بعث بها الى المنتخب، بعدما اخبره انه ينوي مغ ادرة قلعة وارتبرج، قال: ”ليكن معلوما لدى سموكم انني ذاهب الى وتنبرج تحت حراسة أسمى بكثير مما يمكن ان يقدمه الامراء والمنتخبون . وأنا لا أفكر في التماس معاضدة سموكم وبالحري لا أرغب في حمايتكم، فانا افضل بالحري ان احميكم بنفسي. ولو علمت ان سموكم تستطيع حمايت ي أو ترغب في ذلك لما فكرت في الذهاب الى وتنبرج بالمرة . أن السيف الذي يستطيع الذود عن هذه القضية وانجاحها لا وجود له، فينبغي ان يعمل الله كل شيء من دون معونة الانسان أو موافقته. ان من لديه اعظم ايمان هو الذي يستطيع ان يقدم اعظم حماية“ (١٤٦).GC 208.1

في رسالة اخرى كتبها لوثر وهو في طريقه الى وتنبرج أضاف قائلا: ”اني على استعداد لان أثير سخط سموكم وغضب العالم كله . أليس أهل وتنبرج هم خرافي ؟ ألم يجعلهم الله أمانة في عنقي ؟ أفلا ينبغي لي اذا دعت الضرورة ان أعرض نفسي للموت في سبيلهم ؟ وفضلا عن هذا فانا أخشى من نشو ب ثورة في المانيا يعاقب بها الله أمتنا“ (١٤٧).GC 208.2